ولا أيلول يهبط مِنْ أناي

 


-1-

وأخلعُ ما تبقّى مِنْ غصونٍ هابطاتٍ

مِنْ سماءٍ الناي

ليس لي في الأرض منتجعٌ ولا منفى

ولا أيلولُ يهبطُ مِنْ أناي

-2-

أمنحُ سلّة الرّمانِ معنى الذاكرةْ

لكنني مِنْ غير ذاكرةٍ سأُبْرِئُ

كلَّ أحجاري مِنَ النسيانِ

أو أمشي لأهدمَ ما تبقّى مِنْ حنينٍ فاترٍ

أو أهتدي في آخر النفقِ الطويلِ

إلى يدي

لأكرَّ وحدي مثل عُصفورينِ منطفئينِ

مِنْ علل الجناح

إذا استقاما في الحقول

وجدتُ لي بيتًا

وبابًا، حنّطا سَيري إلى كاسي

ولم يتذمَّرا مِنْ طيِّ ما حطَّبتُ مرئيًّا مِنَ الأخشابِ

أو طهَّرتُ أسبابي

لأبلغَ سيرةً في العاشرةْ

كانت تجادلني على حرفينِ

في الفنجانِ معكوسين

قالت: ليس يؤتيكَ الصدى عنبًا

وأنتَ تُقيمُ في مدنٍ مُعلّبةٍ

وتمشي في الشوارع كالغبار

أمامكَ البازلتُ

والمرآةُ تعكسُ ما تناسل مِنْ عبور الناس

لا تُرضيكَ أجنحةُ المرايا

في الليالي القاهرةْ!

كانت تجادلني على سربينِ

مِنْ عسس الحياةِ

وهمْ على بابِ القصيدةِ

ينشرونَ غواية الإيقاع: لا تفرحْ

وكنْ شطرًا لهذي الأرضِ

إنْ بعُدتْ خطاي

-3-

وسأُنطِقُ الأشياء

وهيَ تغطُّ في النسيان

أو حين الأريكةُ تقتفي وترًا على جذعٍ

تسرِّبُهُ يداي

لأعيش منفردًا أمام اللاجئينَ

كأنني فَطِنٌ

كذلك هيَّأَ الصمغُ الوحيدُ على جذوع

النخل مرآةً لبوحي

واستدارَ إلى سمائي

طاعنًا بخروجهِ الأبديِّ مِنْ لغةٍ مُرقّمةٍ

إلى أرضٍ تعبِّدُها رؤاي

ووجدتُ بيتًا فارغًا مِنْ حنكة التدليل

والتهليل

والأثر المراوغِ

عينَ سارية السطوحِ

وجدتُ ما معناهُ

أني مقبلٌ مِنْ ردهة الموتى

إلى بوابةٍ مفتوحةٍ مِنْ أجلِ أغنية القبيلةِ

لا تجادلْ

قال لي

وبنى بمقصدهِ زجاجًا للتحطّمِ

قابلًا لشرود امرأةٍ

وباع السيفَ في حقلٍ أخيرٍ

للغزاةِ

وللعُراةِ

وللطغاةِ

لكلّ مَنْ قصد السباحة في دمي

قلتُ أستدعيهِ مِنْ بوابةٍ أخرى

لعلّ جنابَهُ يستقطع الإسمنتَ مِنْ رأس الإشارةِ

مِنْ حصير الشارع المبلولِ بالأفكارِ

مِنْ فرحٍ يقاربُ بين ذئبين شريدينِ

ونصفِ غزالةٍ تتشمّس المعنى

كذلك

أو يحطّ على الإطار موشّحًا

بظلامهِ الأعمى

لِيَزْوَرَّ الشهيقْ

قلتُ: أضيف إيقاع القصيدةِ للجوارِ

فهزّني وترٌ عتيقٌ في يد الروح الغنيةِ بالخلود

رفعتُ مفتاحًا هنا في آخرِ الشبّاكِ

فاندلق الهواءُ

وكان ديكُ سلالةٍ غجريّةٍ في النصِّ

يرقبُ ما أضيفُ:    

لبنًا وكمثرى

وطيرًا مِنْ سقوط الماء في حلْقِ الزمانِ

ورونقًا لظلال خيمتنا

وشيئًا مِنْ تعقُّبِ خلوتينِ على يدِ الصوفيِّ

وهوَ يمرُّ في بحرٍ مِنَ العرفان

شيئًا ما

وأقولُ: يا صوفيُّ لا تفرُطْ حكايتنا

لعلّ النورَ يأتينا

فتتضحُ البلادُ على الطريقْ

وكلاهما فرَط الحكايةَ يا صديقْ

وكلاهما أخلى المكانَ

وراحَ يُبصرُ ما تنزّلَ مِنْ دمي في الحربِ

لم يُرعِدْ

ولم يصعدْ إلى معناي

-4-

في ساعة مخلوعةٍ مِنْ سيرة الماضي

سأرقبُ ما توارى في الغمام

بَحَثَ المؤلفُ عن رضا أبطالهِ

وعن المراجيح التي سوَّرتُها بالطينِ

لكنّي فقدتُ يدي

وأنا ألوِّحُ للمرايا بالحطامْ

في ساعة مخلوعة مِنْ بحرها اللجيّ

أمضي مثل أغنيةٍ إلى الماضي

وأغسل خطوتي مِنْ ثقلها، حتى أنام

لكنّ أعضائي التي زلزلتُها بالتيهِ

ساقتْ رؤيتي حتّى تفتّح لي

وجعُ الخيام

فركنتُ قاموسي لأحلم بالجمالِ وبالهديلِ

وباليمام

هل ساعتي مخلوعةٌ مِنْ جذرها

أم أنّ لي سَفَرٌ يقنِّبُ في الدوالي

غصنَ ذاكرة وناي؟

أمْ أنَّ حافلةَ الرجوع إلى بلادي

خرقةٌ بيضاء

أكفانٌ تغامرُ بالرحيلِ

إلى

أنايْ!

 

 


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x