ليس يقطنُ هذي البلاد سواي

 


-1-

ليس يقطنُ هذي البلاد سواي

تمرّدَ فيها كثيرٌ مِنَ الخلْقِ

حتّى الدُّجاجَ الذي كان في بيتهِ نائمًا

لا يرى غير ديكِ البلاءِ الأخيرِ

لحزنِ الحياةْ!

تمرَّدَ فيها ابنُ عقلِ الأجيرِ أخيرًا

وأنضجَ فكرةَ أنْ لا يموتَ الرُّعاةْ!

تمرَّد فيها الهواءُ

فيا مُدنًا لَمْ تشأْ نَفْيَنا مِنْ لِحاها

ولكنّها أشرعتْ أنفُسًا

للجناةْ!

-2-

ليس يقطنُ هذي البلادِ سوايَ

وأبحُثُ فيها عن الارتواءِ مع الطيرِ

أيُّ المزايا هنا

سوف تحفر لي قبرها

حين أصخبُ وحدي صموتًا

على وعْدِ هذي السماءِ

انتظرني، إذًا، كي أفكِّكَ

جملة ريح الليالي

وأنفثَ شيئًا قريبًا مِنَ الأوكسجينِ القليل

اختفى صاحبي

فانتقلنا إلى سوسنٍ غارقٍ

ظنّهُ الماءُ نحلًا غيورًا

وظنَّ النشيطونَ جدًا

بأنّ الولادةَ أقربُ مما يلي

خطبةٍ في الصباح الدّراسيِّ

أقربُ مِنْ صعقة البرقِ

حين يبلِّلُنا عارضٌ

مِنْ أنينِ الدُّعاةْ!

-3-

تمرَّدَ فيها يقولُ الجناةُ

ابنُ مدرسةٍ في الزقاقِ

تعلّمَ فنَّ الخروجِ عن الأبنوسِ المُعتَّقِ

في حِجْرِ مملكةٍ واسعةْ

وتعلّم فيها فنونَ احتباس التصبُّرِ

حين ينوسُ بأرض المشاةِ

كبيرُ الطُّهاةْ!

كذلك ابنُ السبيلينِ يخرجُ مِنْ قاع دولتهِ

حافظًا للتماثيل تعلو

ومنتشيًا بالنُّحاةْ!

-4-

ليس لي يا أناي

سوى دولة في القصيدةِ تذبلُ

حينَ أوافقُ نهجَ الأماسي

وحينَ تُبدّلِ ليلى بغزلانها

أرنب الأمنياتْ!

تعلّمتُ أكثرَ حين انتبهتُ

لتاريخ هذي الهويةِ

وهيَ تراقبُ عيني التي التقطتها فتاةٌ

تُقصقصُ ضلع المثلثِ

تسألُ عن جدِّ أمّي

إذا مرّ يومًا على نبعٍ بئرٍ 

هنالكَ في سفحِ عيبالَ

أو في مراعي الحقولِ التي صار يسعى بها

كلَّ حينٍ غُزاةْ!

تعلّمتُ ذلكَ حين بسطت يدي

لانفكاكِ الأصابعِ

تعبرُ مِنْ خامة اللحمِ

حتى مسوحَ الأجنةِ في غابرٍ فات عنّي

وألهمني كيف حقَّقَ بيعي الرُّواةْ!

-5-

ليس يقطنُ هذي البلاد سواي

دفعتُ عن الأرضِ كلَّ فصول البناياتِ

حتّى الفصول التي أحكمتها

خيولُ المهارةِ

كنتُ أحاولُ أنْ أستردَّ حقوقي

ولكنها في جوازِ الحدودِ

إذا ما التفتُّ إليها رماني البُغاةْ!

تصيرينَ حقل ابتعاثٍ

إذا ما افترقتُ عن العشبِ

حين يبلّلهُ وعيُ هذي الخطورةِ

بعد التباسِ الطريقِ

وحَشْرِ المُبيداتِ في جذرهِ

وتصيرين حقل ابتعاثٍ

إذا ما اقتفيتِ السؤالَ عن المرَضِ الفجِّ

في خطبة الأرضِ بعد النّجاةْ!

-6-

ولأنّكَ بحثٌ عميقٌ

تدافع فِكْرُ التعاليم عن غايتينِ

احتراز الجلوس مِنَ الفجرِ

حتّى تُرفرفَ عاليةً في السماء

طيور العِلَلْ

-       ليس يقطنُ هذي البلاد سوايَ-

وَحَبْس الطيورِ

-       أظنُّ على كلّ حالٍ -

بأيدي الطغاةْ!

أجيئكِ أسطورةً في عيونِ الصلاةْ!

أأنتِ بلادي، يقولُ المجازُ، وفي

كَنَفِ الشعر يلهو الهواةْ!

بلادي التي أمرضتني وحيدًا

وقد كنتُ أمرضُ قبلُ

ولكنَّ داء الحنينِ وجوبًا سيبقى حييًا

إلى أنْ تحين الوفاةْ!

ومَهْما استتبَّ مِنَ الخوفِ أمرُ الحكايةِ

مَهْما أطلَّ مِنَ القاع رأس الأفاعي

ومَهما استدار الخفيّونَ في لعبةِ

الجزر

والمدِّ

مَهما تأخّر موعدُ بعثِ الصباح الأخيرِ

سنعشقُ رميَ الحصاةِ

إلى كلّ بحرٍ يجفُّ

لكي تتكشّفَ سوأةُ كلِّ العُراةْ!

 


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x