تكوين الأبجدية

 

    أبيات القصيدة دخلت في السبعين   ، وللسبعين أن تختار بين مفرزتين واقعتين بين زمنين مختلفين نبضاً وإيقاعاً   ، مفرزة التتابع والتوالي من خلال الصوت الخاص الذي يبنى على غنائية الكلام   ، أو مفرزة التناسخ الكربوني والذي يبنى على التكرار والتشظّي

   المرآة الأولى التي يحتاجها الرحيل هي رؤية الحقائب  ، ومرآة القصيدة هي أن تعرف قدرة المعالجة البينيّة للثغرات  ، والحشو  ، والتكلّف  ، والارتداد إلى الداخل

والسكوت عليه.

  فضاءات الحارة الجديدة هي فضاءات أكثر اتساعاً  ، ولكنها مع ذلك أكثر ضيقاً وتحيّزاً  ،وفضاءات القصيدة هنا تختلف كثيراً عن فضاءاتها في الحارة السفليّة  ،إذ أنها كانت الوحيدة على منبر الفعل والقول  ولكنها هنا تترمّضُ في أرض مليئةٍ بالمنابر والقصائد التي تتماهى لكي تتشكّل   ، وفي طرقات ترابيّةٍ لا يسلكها إلا اليقين والقناع

   تستند فعاليّة القصيدة على سعة الاتصال الجهوي مع المتلقين   ، فلا بأس أن تتفرع عنها مفاصل الكلام  ولكنها هنا لا تحتاج إلى كهوف القطا والحوريات والكنز   ، غير أنّ مسالكها في دورة التكوين ألظلالي لها بحاجة إلى أكثر من كسوف شمسي

   رجب علامة قادرة على التحوّل   ، وقادرة على الالتصاق مع أكثر المواد اشتعالاً لرؤية الزمن   ، لهذا بدأ في تهيئة غاز الانسجام والانفجار  ،غاز الزئبق القادر على التفلّت من قبضة الأيدي الممدودة وهو في هذا الاتجاه يستطيع السيطرة على مفردات قصيدتهِ وآليات عملها وتشكيلاتها في مجرى الصور

  رجب أخذ من بؤرة القصيدة مسكناً فائضاً لمجابهة الصور الطارئة  ،استدلَّ بعد حادثة الحفر  ،على آلية المبتدأ  ،فسعى إلى تشكيل أكثر من قوة ضاغطة على محيط القصيدة ومجالها المغناطيسي اعتمد في محاوراتهِ على تثبيت عناصر الدراما الشعرية   ، وحدّد لإيقاع قصيدتهِ إطاراً مفتوحاً   ، يتشكّل من خلالهِ   ، صوتُ السيناريو الذي يحدّد بدوره حركة الكاميرا   ، كاميرا التنفّس البيئي

_ القصيدة تحتاج إلى حركة مائية

_ وموازنة الأنفاق المتخيّلة  ، لضبط القناع

_ وهي تحتاج إلى فرد عنواناتها الفرعيّة

  وأكّد رجب على أهمية تحديد الموضوع   ، رغم تعدد العنوانات الفرعية  

_ ليكن موضوعنا واحد   ، التشتت هنا في صالح النقد  ولتكن العنوانات الفرعية قادرة على اختراق المحيط  

  وفي محاولة لنسل الصوف من ذاكرة الماضي قال الواصف:

_ علينا بالتزام النمط الحداثي   ، وإيجاد بؤرة نقديّة محدثة   ، وبالاكتفاء بمرونة ذات النصّ   ، وإفساح المجال أمام نصوص البياض أن تشكّل قدرتها بحدود الموضوع

  وأضاف سلوم الذي جاوز البحر بالمفردات   ، وخبر مشكاة التراب :

_ وعلينا أن نستوطن في عقل الفكرة وإحداثياتها   ، وأن لا نكتفي بالتحليل الإشاري للصور الطارئة   ،

والإيقاع المسنود بحساسية المتغير المكاني  ، وعلينا أيضاً أن نسحب اللغة على المتغيّر الزمني

   هنا في فاصلة التكوين الأوّل بعد الرحيل ألقسري  بدأت القصيدة بالاقتراب من المنبر   ، وبدأت في نقل مفاعلها الأثيري إلى موطن الحارات

 


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x