سؤال أعطشته السيول

 


سؤالي قصيرٌ

فقد أَعْطَشَتْهُ السيولُ

وليس يُنادي "هَلُمّوا" إلى حَيِّنا

مِنْ رِياضِ الرضا

واسْتَعينوا بزينبَ

زينبُ أمُّ التّنَدُّرِ في لعبةٍ

سَيَّجَتْها الفُصولُ

 

أَخَذْتُ مِنَ النبعِ فُرْجَتَهُ

ومِنَ البحرِ زُرْقَتَهُ

ومِنَ الغيبِ حكمتَهُ

وانْزَويتُ إلى شاطئٍ طافحٍ بالخيالِ

وقلتُ هيَ الريح تجري

إلى مُستقرٍّ لها

وقلبُ الحياةِ يضجُّ

إذا بُدِّلَتْ في الأسِرَّةِ صِحَّتُهُ

واخْتفى المَصْلُ مِنْ إبرةِ الريحِ

ذلكَ أنَّ سؤالي

رُؤىً لا تبيعُ الهواءَ

لأنَّ المريضَ بَدَا مُوْلَعَا بالحكايةِ

حتى إذا راحَ يعلو إلى آخرِ الضَّوءِ

عندَ المَمَرِّ

ويعلو

تَكرّينَ مثلي أمامَ النِّساءِ اللواتي

يُجَمِّعنَ أطفالَهنَ على نِيَّةِ اللارجوعِ

كأنَّ الحقولَ القريبةَ تهتفُ

هذا مَمَرٌّ يُضيقُ

ويعلو

ولا شيءَ يعلو

إذا نامَ هذا المريضُ عن المَصْلِ

واختارَ أنْ يَتَّقي جُرْعَةً في السَّريرِ

بأصْبَعِ بِنْتٍ تُزَوِّرُ أبْيَضَها

ثُمَّ تُغلِقُ غُرفتَهُ

كذلك لي أنْ أقولَ    

أَخَذْتُ مِنَ النارِ حجّتَهُ

ومِنَ الريح حصَّتَهُ

ومِنَ الهَمِّ حَبْكَتَهُ

واحتفظتُ بصورتِهِ في المساءِ

لأبكي وحيدًا على حِجْرِهِ

 

هو الآنَ مثلي يُجَرِّبُ حَظَّ الحصى

وَدُرْبَة هذي الخُروقِ التي أحْدَثَ البَرْقُ فيها

ملاذًا لِسِنْجابِهِ

أو لأنثى الغُيومِ التي جَرَّبَتْ حَظَّها

وهو يَفتُقُ سِلسلةً مِنْ صُخورٍ

ليبْطِنَ شيئًا عن الآخِرةْ

وليس لِحَظّي أنا

أنْ أمارسَ فتحَ الجهاتِ على أيِّ شيءٍ

وأطوي العزاءَ كطيِّ السجلِّ

على غربةٍ خاسِرَةْ

كذلك أسعى

ويَسعى سؤالي إلى حبرهِ

ثَمَّ نَهْرٌ غريبُ الملامحِ يجري هُنا

ثَمَّ نَزْعٌ أخيرٌ لِسِلْسِلةٍ قاهرةْ

هو الآنَ مثلي يُجَرِّبُ حَظَّ الحصى في جداري

فأيّانَ يسعى

إلى نِصْفِ كأسي الذي قال لي:    

أما آنَ لي أنْ أَصِيدَ الغُيومَ

مِنَ الطَّائِرةْ

 

أَزوغَ قليلًا عَنِ الأرضِ

هذي التي فَتَحَتْ لي جَذرَها

يومَ عانقني وحْيُها

ويومَ نَزَعْتُ قليلي عَنِ الانتظارِ

لأشْغَلَ وحدي بِما عند زينبَ

وهيَ تُطاردُ نُسْخَةَ تلك الطُّيورِ التي لا أراها

وأنْ أجْتبي للطُّيورِ مِنَ النَّخلِ شيئًا عَليًّا

وشيئًا رفيعًا 

كَخَيْطِ الرُّطَبْ 

وآخرُ مُفْرَدَةٍ في القصيدةِ

تُنْقِصُ جَلْبَةَ هذا السؤالِ

ويَنْقُصُ زُوّارُنا

والممرِّضُ يمشي إلى غرفة الفحصِ

يمنحني حَبْلَ هذا الرَّجاءِ

فأمنحُ أمّي كثيرًا مِنَ الوردِ

أمنحُ قبرَ أبي ما أرى في المنامِ

مِنَ الكائناتِ

وعمرًا مديدًا

ليجْزِلَ لي بالعطايا

 

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x