تصالحتُ مع غيمةٍ لَمْ تكُنْ واعيةْ

 

  1- أمِلتُ بما أخبر الناس

 

 

 

أَمِلْتُ بما أَخْبَرَ الناسُ

حتّى تصالحتُ مَعْ غيمةٍ

لم تكنْ واعيةْ

لهذا الذي يَنْبَني في عُروقِ الترابِ

مِنَ الزَّعفرانِ

ومِنْ حلكةِ الليلِ والجاريةْ

فقلتُ أزيدُ الينابيعَ

قربَ النسيجِ الذي في السَّرابِ

وأمشي إلى السُّوقِ

في جُعبتي بعضُ مالي

ومالُ اليتيمِ

وأغنيةٌ في الرؤى جاريةْ!

فقاطعني صَدْرُها المستريحُ

على حِنْطَةِ الأرصفةْ

 -  أتأْذَنُ لي أنْ أعيلَ اليَتيمَ

فقلتُ لهُ: كم سَتنزفُ بعدَ الرُّجوعِ

إلى البيتِ صُورتُهُ الدَّاليةْ!

 

أَمِلْتُ بِما يحفظُ الرَّأسَ مِنْ أملٍ

حين أَصحو على لعْبَةٍ باليةْ

يُرينا اصْطِفافَ البيوتِ رِجالٌ

هُمُ الآنَ في خندقِ الموجِ

لا يَصْدُرونَ عَنِ البَهْجَةِ الأُمِّ

والانشغالِ بِما هوَ عينُ اليقينِ

ولكنّهمْ إذْ أُريهم يدي عاليةْ

يَمُرُّونَ كالرّيشِ في حَومةٍ مِنْ غُبارِ الوجودِ

ويتَّكِئونَ على سُحُبٍ خاليةْ!

 

ويمشي إلى لغتي

واحدٌ مِنْ أَغارِبِ ما يَدْفَعُونَ

إلى الرّيحِ مِنْ ظِلّهمْ

ثُمَّ يأتي إلى حُجَّتي

ويقولُ هيَ الحُجَّةُ التاليةْ!

فأنفرُ مِنْ صَدْرِهمْ باتّجاهِ اليقينِ

وأَعْمُرُ قلبي

لِئلا تكون النهايةُ

كالنردِ في الرّحلةِ الخاويةْ

 

أَمِلْتُ بِما أَخْبَرَ النّاسُ يومًا

فأَفْلَتَ قلبي رياحينَهُ

لَمْ أكنْ قانِطًا مِنْ رُجوعِ الكناري إلى بيتهِ

غيرَ أنّي ركَضْتُ إلى رُجْمِ حَظَّينِ

ما لا يقايضُ عُمري

وأَفْلَتَني صاحِبٌ لَمْ يُسربِلْ حنيني إليها

لهذا عثرتُ على قوسِها ناحِلًا،

فارتَبَكْتُ

وجِئتُ لأَحْمِلَ سِرَّ انتباهي

إلى الخابيةْ

هُناك انْدَسَسْتُ على لَحْمِها ساردًا

لَمْ يَفُتْني حِوارٌ

ولَمْ أقتطعْ مِنْ ثيابي نهارًا

قليلَ الخطايا

ولَمْ أنتظرْ غيمةً غازيةْ 

 

أَمِلْتُ بأنْ أمَّحي في كتابي

وأنْ أغْزِلَ اللحظة الحانيةْ

لأكْتُبَ سَطرينِ عن كلِّ شيءٍ

ومَعْ كلِّ شيءٍ

أعيدُ تراتيلَ سيرتِنا الرَّائيةْ

أَمِلْتُ بأسرارهِ أنْ تَقيني وسادتَها

والعيونَ الرّواحلَ

والنارَ في آخرِ الليلِ

بعد احتباسِ الفصولِ عَنِ الشَّهوةِ الثائرةْ

أَمِلْتُ بأسرارهِ

غيرَ أنّي ولِدتُ على بُعْدِ عَينٍ

وأسبابِها النائيةْ!

لهذا تعالوا

لنمضي إلى قَصصٍ ناجياتٍ مِنَ الحربِ

كان أبي قبلَ نومي

يُشيرُ إليّ

بأنْ لا أفارقَ قَلْبَ التَّفاصيلِ

قال: خَرَجْنَا مِنَ الموتِ

تحتَ عباءتهِ مُقرضينَ النَّدى

حُجَّةَ الذَّبحِ

والسَّيْلَ

والأمّةَ الغافيةْ

ولَمَّا نَشَأْ أنْ نمارسَ أحزانَنا في الطَّريقِ

إلى الحُلْمِ

قال

وما أنْ وَصَلْنا إلى جُثَّةِ النَّهر

حتّى توارى الزمانُ وراءَ الحجابِ

وصرْنا غُبارًا

لخيمتنا في البلادِ

أَمِلْتُ بآخرِ رَحْمٍ حِيادي

ولكنَّ صَبْرَ المُحِبِّ رأى صُورةً

غيرَ ما ألِفَ الشَّيخُ في سُورة الريح

بعدَ الضُّحى

تقاصَرَ عَنْ نخلةٍ في عُلوِّ الطُّيورِ

إلى مَشهدٍ في الرَّحى

وقال: بَنَيْتُ على شُرفةِ التَّلِّ بَيْتًا

وسَيَّرْتُ نفْسي إلى صَبرها في الملاذِ الأخيرِ

لأشعلَ قنديلَها في مدادي

وأعددتُ للأرضِ قمحَ الحياةِ

وأعددتُ حِرْز اليقينِ

لأظهرَ في اللحظة الفانيةْ


 

 

  2- حوار الهوى صورةٌ

 

 

 

حوارُ الهوى صُورةٌ

والخيالُ وليدُ العَذارى مِنَ المفرداتِ

وبيتُ القصيدةِ شيءٌ مِنَ الزَّعفرانِ المُوَشَّى

وحامِلُ أَرْغُولِهِ طافحٌ بالحكايا

ولكنَّ أنغامَهُ حائِرةْ

فانفثوا باسمِهِ

ما يُراقُ على فاصِلٍ في الإطارِ

ولا تأخذوا اللونَ 

هذا نسيجُ يديهِ اللتينِ تورَّعَتا

أنْ يمرَّ على الريحِ

لي مَشهد الأرضِ

وهيَ تزورُ ضلالتَهُ 

فانفثوا حرفَهُ

في زوايا المكانِ الذي لا شيوعَ لَهُ

في سرايا المدينةِ

كان قديمًا كَمَمْشاهُ في الطّينِ

يَقْلِبُ أشياءَهُ العاثرةْ

ليدخلَ في الما وراءِ نَبِيًّا جَسورًا

وإيقاعَ نايٍ تلاشى على بوحِ أنفاسِهِ

سَفْحُ هذي البلادِ

وخُضْرَتُها اللاهيةْ

 

 

 

 3- كأنّي سأخطفُ ما لا يؤمّل عني

 

 

 

كأنّي سأخطفُ ما لا يؤمّلُ مني

أنا الواثِقُ المسْتَبِدُّ برأيي

انتهيتُ إلى حالةٍ في المزاجِ

وكنتُ أداري مِنَ اللونِ أخْضَرَهُ

كي أعدَّ الثواني

وأملأَ صدرَ الحنينِ

بأيام عمري الغريبِ

الغريبِ الذي تجهلُ الرّيحُ عنهُ

منازلهُ والمرايا

كأنّي سَأُوْرِثُ رَهْطَ المُحِبينَ

عِقْدا بَنَفْسَجْ

ليظهرَ نورُ البداياتِ في الأرضِ

والنَّاسِ

- هِلّوا على خَطِّ هذي البدايةِ شُكْرًا

ولا تَنْفروا عَنْ خُطوطِ النّهاية!

 

أعيدُ تقاسيمَ أمري على لوحةِ الغيبِ

لا تَنْفروا

واتْبعُوا سلسبيلي

أنا الواثِقُ المستريحُ لرأيي

أعيدُ لبيتي أواني الصَّباحِ

لتَشْهَدَ أمّي رؤايَ الأخيرةَ في الجُبِّ

أوْ في نُشوءِ الخيامِ على صَمتها

واتبعوا سلسبيلي

لأجْلِبَ مِنْ كلِّ بيتٍ حكايتَهُ

عَنْ رماةِ الكلامِ

الرماةِ الذينَ تنادواْ على حَرْثِهمْ

ذات ريحٍ، ولَمْ يُبْصِروا في الأعالي رياشي

فعادوا إلى حَرْثِهْم واهمينَ

لريح المَزاجِ المُظفَّرِ

ظِلّ الركونِ إلى الرّيحِ ليلًا

كأنّي سَهَوْتُ عَنِ الظّلِّ سَهْوَ الحبيبِ

إذا ما رأى نفْسَهُ بعد لحنِ الضَّياعِ

وجَلْبِ الحليبِ مِنَ الشاةِ

وهيَ تُقارعُ كلبَ الحراسةِ والعادياتِ

وما أَبْصَرَ الليلُ مِنْ سيرةٍ في المدينةِ

كان يخطُّ على صَدرها ما يرى مِنْ ذنوبٍ

ويسعى إلى أنْ يطالَ النَّدى

مِنْ ثياب الغوايةْ

لهذا أُعيدُ تقاسيمَ روحي

على كلِّ بحرٍ

لأنجوَ مِنْ حَكّةٍ

في الخيالِ الذي يَنْهَضُ البَرُّ فيهِ

اتْبعوا سلسبيلي

لنا تربةٌ في المراعي التي

أحْدَثَتْ سَرْدَها في الرِّواية

 


 

 4- سأبصر حيث أنا

 

 

 

سأُبْصِرُ حيثُ أنا

واحَتَيْنِ لقلبي

وأَنهضُ باللامكانِ

وأُفرِغُ صَمتي المُجَرَّبَ عند انتصاري

على لحظةٍ في البيانِ الأخيرِ

لهذا الألمْ

سأُبْصِرُ، حتمًا، رقائقَ ريقي

وبُرجَ العَدَمْ

لأقطعَ لي ندبةً مِنْ وجودٍ هَرِمْ

فما أضْيَق الليل

وهوَ يُغطي ندوبي

وأشياءَ أخرى

وما أوْسَع الأرض حين أُطَأْطِئ بابي

فيذكُرني في شبابي

وما أضْيَقَ العيش

حينَ تُزاورُ عنّي الأيائلُ صُورتَها

في اللجوءِ إلى الزّاويةْ!

 

سأُبْصِرُ طَيْرَينِ

مثلي ينامانِ فوقَ السُّطوحِ

وينتهرانِ الذُّبابَ القتيلَ على شُرفةٍ

في القِدَمْ

لأبقى عَتِيَا على الرّيحِ

لا جَنْبَ لي

أو مَدارٌ

هُنا

في السُّقوطِ إلى خَلْوَةٍ جاثيةْ!

 

ولستُ وحيدًا

على تُرْبَةِ الحالمينَ

ولستُ صَدى

ولستُ على الأرضِ أُسْطُورةً

يكْشفُ العُريُ أضْلاعَها

وهيَ تمضي إلى فِتْنَةِ البَوحِ

لستُ مَلاكًا

تُحَصِّنُهُ سُورةُ الخيلِ في كلِّ هذا

ولستُ نَبيذًا لداليةٍ

أو سُدى يا إلهي!!

 


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x