أبطأ مِنْ جارتهِ

 


أبطأَ مِنْ جارتِهِ

يَتَقَدَّمُ مِنْ زاويةِ الحارةِ

ثُمَّ يُداري خطوتَهُ عَنْ بابِ البيتْ

تَتَلَقَّفُهُ ليلكةُ الليلِ

فيُلقي أصْبَعَهُ في العتمةِ

يَنْهَرُ قِطًّا

يتثاءبُ خَوفًا مِنْ جُرْذِ المَجْرى

أبطأَ مِنْ جارتِهِ

يَسْتَلْهِمُ أغنيةً

لِيُداري ضُوءَ العامودِ

وَيَنْهَرَ طفلًا يلْعَبُ بالطّينِ

فَتَهْرُسُهُ الرُّؤيا

يَتَقَدَّمُ كالرَّاعي في الصَّحراءْ

لا عَشْبَ على أكْتافِ الحارةِ

بعض رقابٍ تَتَدَلَّى

مِنْ نافذةِ الأملِ المغموسِ

على شُرفاتِ المبنى

أبطأَ مِنْ جَلْمودِ الرّيحِ

يحاولُ أنْ يَسْتَصْلِحَ زاويةً

لا ريحَ بها

أو ولدٌ يُشعلُ ذاكرةً تَعْرى!!

 

هوَ لا يعرفُ أنَّ الليلَ

تُغَطّيهِ سَنابلُ أخرى

أنَّ القمرَ لصيقُ الأرواحِ الحيرى

أنَّ السِّكْيرَ يُقَعْقِعُ بحثًا

عَنْ زاويتهْ

هوَ لا يَسْطِيعُ مُداهَمَةَ الأضواءِ

ففيها قَدَرٌ مِنْ إيقاعٍ النَّارِ

على وَرَقٍ مَنحوتٍ

لِمَعاركَ تُشْرى

أبطأَ مِنْ مشيَتِهِ

تعبرُ ليلكةٌ في شِقِّ البيتِ

وتنمو أعلى مِنْ غُصْنِ الليلِ

فيرمُقُها

ليرى سَببًا

لِمَجيءِ الأولادِ على غيرِ هُدى

تتداخلُ مَعْ ضحكتِهِ الصَّفراءِ

وترمُلُ في الشِّقِّ بعيدًا

لِتُجازى بهتافِ القَشِّ: أبانا

يا جَسَدًا مَرْئِيًّا في تكويرِ نُحاسِ الصَّلْصالِ

ويا أَثَرًا للعينِ يُرى

كم يلزَمُنا نحنُ الأولادُ

لنخطوَ

أو نغفو

أو نقتتلَ على أيِّ ضُحى؟!

 

أبطأَ مِنْ مشيتهِ

حين دَنا وتَدَلَّى

وافْتَقَرَ ليومين اثنينِ

وقال لحارسةِ البيتِ أرى

شَجَرًا

وميادينَ

وعمالًا يَعْتَمِرُونَ المقهى

أبطأَ مِنْ مِشْيَتهِ

ثُمَّ أتى

وتَمَطَّى

ثُمَّ أتى

وتَلَهَّى

هل كانَ يَرى؟!

 

 


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x