ربما أمسكُ الآنَ شيئًا غريبًا
يمرُّ أمامي، وينبذُ رملَ الخطى
مشبعًا بالمياهْ!
ربما ذلك، كان رفيقَ الكلامِ
وكنتُ أعالجُهُ بالروائح
رائحةُ المسكِ أنْ يتوارى على مَهَلٍ
حين يرتاحُ من حجةِ الريحِ
نايُ الخوالفِ خلفي
وقد صار لي مسلكًا في الحياةْ!
ربما أمسكُ الآنَ، ذلك مجرى اغترابي،
ولا أدّعي أنني فاقدٌ للحياةِ
إذًا، كان مثلي يُسالِمُ شيئًا غريبًا
يمرُّ أمامي، وباطنهُ ثورةٌ
لا تماري الغزاةْ!!
الرعاةُ الذين أنا لستُ منهم
على ما أذاكِرُ في آخر الليلِ، حطّوا
بيانَ تناسلهم
فاستبقتُ الحديثَ عن الوردِ
والحبِّ، عن آخر الأوفياءِ، إذًا،
لا حصار لوقت الخريفِ
إذا مرَّ بعدي
الرماةْ!
كلُّ شيءٍ غريبٌ، وأغربُ هذا الذي
لم يزلْ في الغريبِ من الصمتِ، يُنْشِئُ
دولتهُ في العراءِ
ولا جندَ في البيتِ
لا شاعرٌ يحتفي بالمديحِ
اختفى واقعٌ
كان يهرفُ من كلِّ شيء كلامًا
إذا ما تقوقعَ في البحر رملٌ
أظنُّ اختلفنا
على كلِّ شيءٍ
ولم نختلف حين ضاقتْ عبارتُنا
في ملاهي الغزاةْ!
ربما أمسكُ الآنَ شيئًا غريبًا
وأصطادُ من نفسهِ قوسَهُ
يا عذارى البناتْ
فلا حاجتي ضُبِطتْ بالتأمُلِ
حين انضبطتُ كثيرًا
ففي الخيزرانِ انضباطٌ شديدٌ
وأغنيتانِ لهذا المتاهْ!
تداعى، كما أنّه لمْ يكن باحثًا
عن مناسبةٍ في المساءِ
تركنا خطانا على هيئة الركضِ
سِرنا إلى غايةٍ في البلادِ التي اختطفتنا
منَ الموتِ، أو غربة الموتِ، حتى
إذا ما التقمنا سؤال الوجودِ
أتى مطمئنًا، وقدَّ على بنية الريح
ما يشبهُ الانزواء الأخير، تداعى
ولم نتصلْ، بعدُ في حضرةٍ،
بالنجاةْ!
عديدونَ نحنُ
وفي الأرضِ مُتَّسعٌ للحياةِ
ومتّسعٌ للنجاةِ
وفيها كلامٌ عن الشوقِ
فيها كلامٌ عن اللاوراءِ، إذًا،
لا نعودُ، نعودُ، إذًا، وحدنا
إذ فتقنا حوار الغيومِ
ولمْ نشتبكْ بالمياهْ!
سأذكرُ في النصِ
ما قد يعينُ على رحلتي في الضحى
سأمشي بلا قدمينِ إلى وطنٍ
مثخنٍ بالسؤال عن الياسمينِ
وعن صورة الأمسِ، هذا أنا، لم أعدْ
من شقاء الغريب إلى صرّة الحالمينْ
ولكنني بعدُ لم أختصر لوحتي
بالرماد الحزينْ
عديدون نحنُ إذًا
كُثرةٌ لا تطال النخيل
إذا أوصل الشمسَ غلواءها
وانتحى خارج الريحِ
واستلَّ لوم السنينْ
عديدون نحنُ إذًا،
فاشربوا قهوة اللاجئينْ
صباحًا سيظهرُ هذا الندى
مُشبعًا بالحنينْ
ويفرطُ ما ظلَّ أو ضلَّ
أو عاد يُثمِرُ في لجةِ الاشتباهْ!
عديدون نحنُ، إذًا، يا عذارى
ونسلكُ أوديةً للمشاةْ!!
عديدون نحن،
إذا ما ابتردنا الحنينَ، استقمنا
كذلك أسألُ عن آخر الضلعِ
أين مكانُ التفجُّعِ هذا الذي بزَّنا
من غبارِ النواةْ!
ولا بابَ للنص
دون اختصار المسافة بين القوافي
ففي كلّ قافيةٍ مرَّ شيءٌ غريبٌ
وأغربَ منهُ إذا ما ابتردنا الحنينَ
اختزال الحروفِ على هيئة الطيرِ،
كُنْ لاجئًا، لا غبار عليكَ،
وكنْ مؤنِسًا للتفاعيلِ إذ تتبنّى نهار تراتيلها
في حضور المتاهْ!
كأني خرجتُ عن النصِّ
هذا أنا
كلما أوغلتْ رايتي بالدخانِ
أضأتُ مصابيحها ذات ليلٍ
بما قد رميتُ
وما أنا ذلك،
هل كان يرمي الفتى حزنَهُ
حينَ يرفو الترابَ بماء الصلاةْ!
دعوني على شرفتي يا أُباةْ
أصلصلُ طيني، وأعقدُهُ بالحنينِ
إلى أوِّل الخلقِ
لا تهبطنَّ من الأرض تلك السرائرُ
لكنها قد تعود إلى سربها يا رُماةْ!
دعوني
فإنْ غرَّبتني الأيائلُ عن سهلها
سوف أدفعُ مثل أبي، ساعدينِ،
إلى أنْ أنقِّعَ قلبَ الأصابعِ
ليس كما يدّعي صاحبي في المساء
بأني اكتنزتُ السماء
لأهبطَ من مصرَ وحدي
إلى عالَمٍ لا أراهْ!