1- أنين
كلُّ هذا الأنينْ
وأنا لم أجدْ في الرفوفِ كتابًا
يليقُ بعزفي
ولم تستعدّ المرايا
لقلبِ الزوايا
هنا حيث نام الردى
واستقرَّ الحنينْ
كلُّ هذا الأنين
وأنا بعدُ لم أنتبه
للغرابِ الذي دسَّ ريح المكان بجيبي
وقال: انتبهْ
للوجودِ الدفينْ!
2- ماذا لو
ماذا لو وضعوا في كفّي
حبةَ توتٍ، وانشغلوا؟!
ماذا لو قصفوا دكان أبي في الفجرِ
وناموا في آخر زاويةٍ في الحيِّ
ولم ينتبهوا
أنَّ الميتَ كان صديقي؟!
ماذا لو حبسوا قطّة جاري
وامتنعوا عن دحرجةِ الريحِ، ومرّوا
هل كانت أعلامُ مدينتنا
في الليل تُنكَّسُ،
أم كانت مثل حديقتنا
يكنسها السيلْ؟!
ماذا لو سرق اللصُّ القنديل
وعلَّقهُ في دالية البيتْ؟!
ماذا لو جاء بكل نساء الأرض
ليحرسنَ بقايا الصمتْ؟!
ماذا لو أرعب أطفال الحارةِ
ماذا لو كنتَ ضنين الحالِ
وليس يداريك من الغفلةِ
إيقاعُكَ في " ليت وهيتْ"
هل كنت ستعرفُ أنَّ العالم
في قريتنا العربيةِ مرهونٌ
بتعاليم السبتْ؟!!
3- مكاشفة
بيني وبين القصيدةِ يومٌ
إذا لم أنم
غالبَ الشوقَ في مهجتي
وابتسمْ!
أذاع الفتى سِرَّهُ في المساء
وحاورتُهُ في الصباحِ
على شرفةٍ من ألمْ
ولكنهُ
لم يبح بالمعاني الكثيرةِ
قال: سندفعُ بالأعطياتِ لكلّ النساء
إذا ما احتطبنَ السؤالَ
عن اللائذاتِ بوجه الندمْ
بيني وبين القصيدةِ
يومٌ تلظى مداهُ بأشجارها
ويومٌ توارثهُ عالَمٌ قابعٌ
في
العدمْ!
4- كم أحتاج لأنسى
كم أحتاجُ لأنسى
ما أحدثَ جاري حين رأى امرأةً
تعرقُ مِنْ حرِّ الشمسْ
هل أعطاها منديل الوجهِ
أم احتال على دوران الظلِّ
وراح يؤثِّثُ في المعنى
ألوانَ القوسْ؟!
كم أحتاجُ لأنسى
ما أحدث وَلَدُ الجارِ صباحًا
في لعبةِ أطفال الحارةِ
هل راح يؤثِّثُ أرض الملعب
بالعشب الأخضرِ
أم دسَّ الفكرةَ في الرأسْ؟!
كم أحتاج لأنسى
ما أحدثتِ المرأةُ، زوجةُ جاري
بالقهوةِ حين رأتْ نسوانَ الحارةِ
في الوقتِ المسموحِ لهنَّ
بأنْ يغبطنَ حماماتِ الحارةِ
إذ يشعلنَ غناء العرسْ
هل رقصتْ مثل بثينةَ وسعادٍ
أم كسرتْ في الباحةِ هذي الكأسْ؟!
كم أحتاجُ لأنسى
عائلةً مكثتْ في الطينِ ولم نتماهى معها
وهيَ تمارسُ لعبتها في تلوينِ النَّفْسْ!
عائلةٌ لم يتغيَّرْ شيءٌ
حين رأيناها تستصلح ذاكرة الأمسْ
أو حين رأينا الأحفاد المنسيينَ هنا
في النصِّ صغارًا
يجترحونَ الدَّرسْ!
5- نفق
حفروا نَفَقْ
قلْ أيها الممسوسُ بالمعنى
إذا بَرَدَ الهواءُ على المنازل في الضحى
حفروا نفقْ
خلعوا الترابَ
وهم على كفِّ الحقيقةِ
ليس ينظرهم سوى ربّ الفلقْ
حفروا نفقْ
وترنَّح الصخرُ العنيدُ أمام جذوتهم
وهمْ يمضونَ للشمس القريبةِ
من منازلهم
ولم يلمح جسارتَهم أحدْ
لم تنطوِ الأحلامُ في الكفِّ الجريحةِ
صار قلبُ الأرضِ يحفرُ مثلما شاءوا
طريقًا للخلاصِ الحرِّ
لم يُنقص عزيمتهم بلاءٌ في الجسدْ
هم غيَّروا التاريخَ
والتاريخُ سوف يصيرُ أغنيةً
يغنِّيها الفلسطيني، هنا
في ملعب المنفى
وفي حضن البلادِ، يقول: كانوا ستةً
وحصانهم للريح يبسطُ ظهرَهُ
لتمرَّ أنفاسُ الرجالِ
من النفقْ
6- عُراة
تسيلُ الدماءُ بهذي المجرةْ
على حين غرَّةْ!!
وتسأل كل الذين يريدون وجه الحياةْ
لماذا تنامون كالنائحاتِ بذورًا
على باب حقلِ الطغاةْ!
وتختلقونَ الهوانَ
إذا ما تعاركَ (دِيكانِ)
حتى إذا ما أفقتمْ
على شاطئ اللانهاياتِ
يومًا
أفقتم
عُراةْ!
7- غثاء أحوى
ما أجمل خطٍّ يُكتبُ فيه الشعر العربي؟!
الكوفيُّ: إذا امتدحَ الماءُ المجرى
اللوْتسُ: يدفعُ بالأشجار إلى الفوضى
والأندلسيُّ: إذا مرَّ على امرأةٍ
تندبُ في الليلِ الذكرى
أما الأخبارُ
وآخرُ ما نَشِطَ الآنَ على صفحاتِ الانترنتِ
من الأخبارِ
فذلك زرعٌ أخرجَ صورتهُ الأخرى
ما أجمل خطٍّ قال، فقلتُ له:
دعكَ الآن من الخطِّ
ففي الميدانِ غثاءٌ أحوى!!
8- يا حيهلا
كلما سِرتُ مع موكبٍ للجنازةِ
أو موكبٍ للفرحْ
قادني آخرُ اليومِ للنومِ
حتى إذا زارني في المنامِ أبي
قلتُ: يا حيهلا،
واشرأبَّتْ لهُ غيمةٌ
كان أودعها شربةً منْ قَدَحْ
فلماذا، إذًا، في الصباحِ
أعودُ إلى موكبٍ جاهزٍ
هل يكون الذي لا أراهُ
يمارسُ تمرينهُ باتجاهي
وبي رغبةٌ أنْ أمارسَ هذا الفرحْ!