سَهِرَ اليراع



سَهِرَ اليراعُ
وذابَ في أحداقـي
يومَ التقـى الـورّاقُ  بالـورّاقِ
فأضاءَ من لحنِ الكتابـةِ نجمـةً
حنّتْ عليهـا فضّـةُ  الأشـواقِ
وغدا إلى طيِّ النفائسِ في الثرى
خوفَ احتباسِ الدّرِّ في  الأعماقِ
الشعـرُ لا حـدٌّ يطيـحُ بنـارهِ...
الشعر يسعى في لظى الإحـراقِ
سَهِرَ اليراعُ
وكان قربيَ طفلـةٌ
قالـتْ: تأمّـلْ غبطـة الأوراقِ
فالليلُ يطرقُ بابَ صمتكَ خائفـاً
من أنْ تُجارى نفحـةُ الإطراق
فيئنُّ فجرُ الدّيكِ
يصبح صائحـاً
يكفي
فقد يغفو علـى الأعناق
ويعودُ حرفُكَ للبلاغـةِ  جامحـاً
من غير أنْ يرقى إلى  الأبـواقِ
فأجبتُها: ورقي يطيرُ إلى الرُّبـا
يجري إلى بحري على  استحقاقِ
فتمايلتْ طربـاً نسيـجَ غوايـةٍ
والتاع ماءُ الوجدِ فـي الأعمـاقِ
وأخذتُ نصفَ قميصها، وقمرْتُهُ
ونبهتُ نجماً إذ تركـتُ  الباقـي
حمّلتُها شحذ البيـانِ
وكنـتُ لا
أبغي سـوى الإيعـاز للطُّـراقِ
أنْ حطّموا قيد النحولِ من  الفتى
إنْ لم يفقْ من سكـرةِ  التريـاقِ
هيَ من لهيبِ السّحرِ زادَ رضابُها
ورضابُ روحيَ غيمة  الغَيْـدَاقِ
كـلٌّ يقيـمُ مِـدادهُ فـي وجهـةٍ
والكـلُّ يغـرسُ جنّـة  الأذواقِ
قالتْ: كَفَيتَ
فقلتُ: سهميَ حـاذقٌ
يحذو طبـاع الرسـمِ للأخـلاقِ
ودّعْتُها
وذهبتُ نحـو صلاتهـا
ونأيتُ في نومي إلـى الإشـراقِ
والتفّـتِ السّـاقُ التـي ذوّبتهـا
في زحمةِ الإيجـازِ  والإغـراقِ
والذاهبونَ إلـيَّ مـع  أوراقهـمْ
منحوا نسائيَ ساحة  الأسـواقِ
ليجيء بعد البوحِ يُطلـقُ لوحـةً
قلبي، ويشكر صنعـة  الخـلاقِ
رصّعتُ ما نقشوا
ومـا  كتبـوا
على باب القصيدةِ سيرة  الآفاق
ليشبَّ من بعد الذهـولِ خريـرُها
ويفور صوبَ المائسِ  الرّقـراقِ
وذهبتُ أصنعُ من رياش قصيدتي
ما قد يروِّحُ عن خطى  الإطراقِ
فالناسُ عن سعةٍ يطيحُ برحلهـمْ
شوكُ الطريقِ
إذا انتهتْ  أنساقي
أتّبعُ الخطُّ الرسـومَ إذا قضـى
قلبي على قلبي
ولستُ  السّاقـي
فيحنُّ إصبـعُ لعبـةٍ فـي حيِّنـا
لمليحـةٍ ترنـو إلـى  أطواقـي
فأُهمِّزُ المعنى...،
وجـاريَ سابـحٌ
في لعبـةِ المعنـى بـلا  أرزاقِ
يدنو من الليلِ القريبِ، ولا  يرى
من كوكبي غير السؤالِ  الباقـي
عن حارةٍ سَكَنَ السّرابُ  لشمْسِها
فتسارعتْ من سبحـة الأعـراقِ
هذا إذا مُسِحَ الكلامُ مـن  الهـوا
وأحقَّ ما في العينِ منْ  إحقاقـي
لكنّهُ
رفقاً فقد نَبَـسَ  الخطـى
وخطا يُرمّمُ في القصيدةِ  ساقـي
زوّجتُهُ ظلّي
فأبرق في الصـدى
صوتي
وعاينَ سيرتي ومذاقـي
فتجمهرتْ صورُ الطفولةِ في يدي
حتى خطفتُ من الهواء  براقـي
هذا أنا يـا حـيُّ نصفـيَ آيـةٌ
والشعرُ بوح
... فانتبهْ يا ساقي

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x