ولَمْ تهبطْ يدانا



             إلى علي الدميني


بحرانِ مِنْ تُفّاحِ أرصفةِ الجنونِ
وَيَجْمَعانِ مِنَ العُطورِ جداولَ الرُّؤيا
وَيَنْتَعِشانِ إذ يمشي الْمُثَنّى فارداً
لغةً فَريدةْ
ذلك الوِرْدُ الذي أَوَّلتُهُ في الحُلْمِ
حين لَمَسْتُ مرآتي مُعافاةً
مِنَ النُّقْصانِ والبللِ

ولَمْ تَمْرَضْ يدانا
حيثما كُنّا
أَرَدْنا للقصيدةِ رَسْمَها
حُوريةً في البَحْرِ
فاختزلَ القصيدةَ شاعرٌ
أَوْحى لَهُ سيزيفُ - وهوَ يمارسُ المعنى
على قَلَقٍ تُغَيِّبُهُ الحُدوثُ –
منازلَ الجبلِ

ولَمْ تَهْبطْ رُؤانا

حيثما اخْتُصِرتْ حواشيها
وزادَ النَّقصُ هامِشَها عَنِ الصِّبيانِ
إذْ رَحَلوا
ولَمْ يَسْتَمْلِحوا اللعبَ الأخيرَ
على قواريرَ اتَّفَقْنا أنّها مَسحوبة الأزلِ
وكانت مَحْضَ أعلاها
تُطَرِّزُ بعضَ قافيةٍ، فَأوجزها
ولَمْ تحفظْ صَدانا
إذْ تعيشُ على وِفاقٍ في الحروبِ
وتنتمي للحَقْلِ إذْ تُهدى
إلى بُستانها المسْلولِ مِنْ نُقصانِ صُورتها
فَأَوْجَزَها
ولَمْ يشرحْ خَصائصَ حَذْفِها المنسوبِ للنّسيانِ
فارتاحَتْ مِنَ العِلَلِ

كأنَّ رِياضَها مِنْ طِينِ غُرْبَتِها
لهذا لَمْ تَشَأْ أنْ تُثقِلَ الميزانِ
دونَ شِراعها المثْقُوبِ
يُمْسِكُ ذَيْلَ هذا البَحْرِ
قلْ يا بَحْرُ: هل صَكَّتْ أيادي النَّاسِ
مِنْ أَثَرٍ
جُمانا؟!

واقْتَرَبْنا
كان للممشى حُضوراً بالغَ المعنى
فَأَوْقَفَنا على جَبَلٍ تنوءُ بِحِمْلهِ الغُزلانُ
لا أرضَ النَّدى فينا تَعَقَّبَها بَنُوها
منذُ أنْ شاءَ الإلهُ
تَوَسَّعَ البِيكارُ في النَّفَقِ الأخيرِ
على يَدِ المبنى
ولَمْ ترحلْ خُطانا

غيرَ أنَّ الريحَ ملهاةُ القُشورِ
ولا أرى طيراً يضارعُ نخلةَ التَّكوينِ
في الممشى
فأَبْكانا
رحيلُ النَّاسِ عَنْ خَرَزٍ تَوَصَّلَ في الحياةِ
إلى  رُموشٍ غيرِ قانيةٍ
فجاشَ الوقتُ في الدنيا
ولَمْ يَعْكِفْ على شَجَرٍ
سِوانا
كأنَّ البَحْرَ يفتحُ لي مِنَ المعنى شِراعاً
لا رياحَ تَصُدُّهُ أبداً
ولا أمشي إلى لغةٍ تُقارِبُ ذَيْلَ هذا الموجِ
مِنْ عَطَبٍ، يُصيبُ المُغْرِضونَ، إذا اتَّكأنا
خوفَنا
أمْناً
تَطاولَ عَنْ نبيذِ النَّبعِ
كان النَّبعُ أجراماً تَقدّسَ سِرُّها
وعَطيّةُ النَّسْلِ السُّلالةُ كلُّها
وَرَدَتْ لِتَظمأَ في حِمانا

خَرَزٌ
ونفتحُ للشُّروقِ
منازلَ الأرضِ العَصِيَّةِ
يا عليُّ
" وأنا الكثيرُ على ثيابِ الوقتِ
أوجاعي سحابٌ هاطلٌ في الريح
أحلامي غبارٌ ثامنٌ في قبّة التكوينِ
أوهامي جَرادٌ فَرَّ مِنْ صيادهِ المنفيِّ
في الصحراء
لا تكسوهُ هذي الأرضُ مِنْ زيناتها شيئاً
ولَمْ ينبتْ على عوراتهِ
شجرٌ قليلُ"*
يا عليُّ
فَمَنْ يُزَعْزِعُ غُربةً في سَلَّةِ التَّكوينِ
في تشكيلِ هذا اللاإراديِّ الذي يَخْتارُنا
ذات اصْطفاءٍ قابضٍ رؤيا المرايا
أو يرى سَرْدَ الحقيقةِ عينها في الحربِ
أو في الحُبِّ
أو يمشي ليركضَ خلفَ أشياءٍ صَببناها
على الأنفاسِ
أو نمشي لنكتبَ عَنْ سِوانا 




------------------
*من قصيدة بعنوان" خرز الوقت" للشاعر الدميني من ديوانه "خرز الوقت"


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x