إغواء الصبار




كنتُ قبلَ الولوغِ بِماء الصُّدفْ
أُخرِجُ الميْتَ مِنْ لغةٍ
لا يراها الحيارى
وأحفرُ ما بعدَ تُرْبَتِهِ جانبَ الطُّورِ
حتّى أراقبَ إغواءَ صَبّارةٍ
في مَمَرِّ الغُرَفْ

الحصانُ الذي مَرَّ هذا المساء على شرفتي
كان يسعى إلى أنْ يُظاهِرَ زَوْجَينِ
مِنْ أبديةِ هذا الجلوسِ إلى النَّاسِ
لكنني لَمْ أقابلْهُ عندَ احترابِ الحواسِ
ومكّنني مِنْ تَلَفُّتِ هذا الخَزَفْ
كان بيتي
يُجيرُ الذي لا جِوارَ لَهُ
والمرايا كأنَّ لها خَبْط قلبٍ
إذا ما دَنا مِنْ حِمايَ
يُراقبُ شَمْسَ يديهِ
ولا يَنْبَني عَنْ سماءٍ أخيرةْ

كأنَ رجوعي إلى أَوَّلِ المفرداتِ
غوايةُ دَرْسٍ لَهُ
أو صُعودي أنا باتِّجاه الحِفاظِ
على ما لديهِ مِنَ العَبَثِ الفَوضويِّ
لكي لا تُهاجمهُ في المعاني الكسيرةْ

حكايتُهُ
وهو يَبْني لها حَوْضَها مِنْ جديدٍ
ويفركُ عينَ المَجازِ على غيرِ ما يشتهي الماءُ
حتّى إذا ما تَعَلَّمَ صَيْدَ القطاةِ
وخالطَ  وحيَ النزولِ الأخيرِ
على المفرداتِ
ذَهَبْتُ بهِ للمكانِ الأَشَفْ

هكذا
كي أُطاولَ نخلةَ روحي
وأجلسَ بين التَّلاميذِ
عَطْفَاً على نِيَّةٍ في التَّعَلُّمِ
أو حَشْدِ ذاتي على ذاتِها
ثُمَّ أقضي على كلِّ ما لا أراهُ
يُناسبني في الطَّريقِ
إلى المُنتصفْ

هما واحِدٌ في مَزارِ التَّرَفْ
يليقُ بمرآتِهِ
أنْ يُجاورَهُ آخَرٌ في القِياسِ
على حَارةٍ لا تباطُأَ فيها
وينسج لي بعدَها لحظةً
للولوغ إلى الثَّوبِ
أو يَنْتَمي للحِياكةِ
والخيطِ إذ يَتَدَلَّى

هما واحِدٌ في البريَّةِ
اثنانِ في نَسْج هذي الجذورِ
إذا ما تفيَّأَ ظلّي ابتكار المعاني
وغادرني فجأةً
فجأةً لا أرى أنني قيْد حَوْضٍ
ولا سَنَدٌ للغُبارِ

المَجازُ قليلٌ وأعلى
لهذا أُجيزُ إذا ما تراجعَ في رَشْقِ هذا الحوارِ
منازلَهُ والتُّحَفْ

حَطَّني في سُيولةِ مَعناهُ
لِأَتْبَعَ نَبْعَ السَّرائرِ عند الصَّبِيَّةِ
وهيَ تحاولُ حَلَّ الضَّفائرِ
لا هيَ حَلَّتْ
ولا حُزْتُ معنى الأَسَفْ!!

كنتُ قبلَ الولوغ إلى نُقطةِ الماءِ
في رَحِمَ الأرضِ
أسمعُ زقزقةً عَنْ قَريبٍ
هُنا في المحارةِ
خلفَ نداءِ الطُّيورِ التي عَشَّشَ الخوفُ فيها
وكنتُ أرى غيبةَ الصَّقْرِ أعلى وأعلى
حتّى إذا ما توارى غيابي
تركتُ لحيرتهِ بعضَ هذي النُّتَفْ

أَلَمْ يضعِ الصَّقْرُ بَيْضَتَهُ في مدارِ الحياةِ
ليمشي إلى رقعةٍ في القُشورِ
هُنا في الأعالي 
هناكَ على حافةِ الانتظار المَهولِ
بجانبِ ما خَلَّفَ الوحشُ
مِنْ أُمَّهاتٍ يُطَأْطِئنَ رأسَاً
وَهُنَّ يُحاولنَ دَفْعَ شَظايا الهبوبِ
وعاد إلى عَيْنِهِ بارِعاً بالتقاطِ القليلِ
مِنَ الغافلاتِ
وكيفَ سَها عَنْ ديوكِ النَّهارِ
وَشَقَّ السَّبيلَ
ولَمْ يَرْتَجِفْ!

رَيحانةٌ في الصَّدى تَرْتَجِفْ
رأيتُ نوازلها في الحقولِ
تُوَشْوِشُ للزَّائرينَ: اسْتقيموا على رِسْلِكمْ
قبلَ أنْ تَرْفعوا
حاجةَ الأتقياءِ إلى ثوبِها
في الأعالي

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x