أشياءٌ يذكُرُها التاريخ




ثَمَّةَ أشياءٌ يذكُرُها التاريخُ
وتذكُرُها أمي ذاتُ السِّتَّةِ والسِّتين
ويذكُرُها مِنْ بَرْدِ الخوفِ أبي
ويَلُمُّ غوايةَ حِدّتِها
 
أشياءٌ بَرَدَ الحبُّ أمام خصوبَتِها
واسْتَعْصَمَ بالنِّسيانِ
وَقَدَّ حَصيرَ القلبِ وقامْ

أشياءٌ كانت في الفَجْرِ
ضُحى سَفَرٍ
خَمَدَتْ حين أتاها الجَبَلُ الشَّاهِقُ
في المنفى سَعْياً
وتعمَّدَ أنْ يَقْفِزَ فوق رخاوتِها
تذكُرُها أمّي
وأنا في أوَّلِ دَرْسٍ صرتُ ربيبَ شقاوتِها

حَمَّلْتُ النَّاسَ ذراعَ عُبوريَ
في نَفَقِ الصَّمتِ
وَدُسْتُ على وَرَقي
لأُنيرَ كيانَ أبي
وأقدِّمَ بين يديهِ سَماءً أولى
تَخْلطُ بينَ النّاياتِ وَقَهْوَتِها

في العالَمِ ثَمَّةَ أشياءٌ
تَزْخَرُ باللاشيء
تُناقِضُ أجْيالاً وَرِثَتْ أرْصِفةً للجُوعِ
مَناخاً للموتى
وأُصُولاً عَنْ لغةٍ سادنُها قابيلُ
وليسَ لهذي الأرضِ غُرابٌ آخرُ
يدفعُ بالتَّشْكيلِ على لوحةِ
هذي الفَوضى

في العالَمِ ثَمَّةَ أشياءٌ
تَعْبَقُ بالخوفِ مِنَ المرضى
فأعودُ لِتَكْسيرِ الأشياءِ وغايتِها

ثَمَّةَ أشياءٌ قلتُ فحاصَرَني وطنٌ
لَمْ أفلحْ أنْ أُرْزَقَ بالقنديلِ الأزرقِ
في واحاتهِ
قلتُ: إذاً لِأَمُرَّ على دكانِ
أبي كنعانَ
وأخبرهُ عَنْ واحتِها
فتمايلَ عَجَبَاً
حين رآنيَ أحْمِلُ مِفتاحَ الغُربةِ
في وِزْرَةِ ثوبي
وأحاوِلُ
أنْ أدفنَ رأسي في رملِ الحَيْرةِ
قال عليكَ بمائي
فازددتُ مسافةَ حُجْرينِ مِنَ المعنى
مَدْفوعاً بيمامتِها
أو رايتِها

في العالَمِ ثَمَّةَ أشياءٌ
تَكْنُسُ ما لا يَعْلَقُ في خُضْرَتِها



إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x