رهان الأبيض



الأبيَضُ في جوهرهِ كان رسولي
ودليلي في ميدان الحبْ
والأبيضُ كان رفيقي في اللعبْ
والأبيضُ كان نصيري
وخليلي حين يمرُّ الصّيادُ
وتنأى أصواتُ الحربْ

ستونَ رهاناً شابَ العمرُ لها
وتمادى في نهر كلامي فيضٌ
قلتُ لنفسي هذا القلبْ

الأبيضُ في عصر البلور
صار نقيض رهاني
ونقيض دمي
وسليل الموتِ بأوردة الفسفور
والأبيضُ قال أخي
" ما زال أخي في قمطتهِ الأولى ":
شيءٌ مسعور
قلتُ له:
والأبيضُ نارٌ في بحرٍ مسجور
الأبيضُ كان رسولي
قلتُ فأجّلني الموتُ
لأشهدَ كم يتحوّل هذا اللونُ
إلى لونٍ آخرْ
قال أخي: كم يلزمكَ الآنَ من الشعرِ
وأنتَ الشاعرُ
كي تمزج لونين معاً
وتغادرَ أقبية المحظور؟!
قلتُ: لعلّك تقصدُ كم يلزم ذاكرتي
من لغةٍ واضحةٍ لأقول:
ستينَ رهاناً في العمر قضيتُ
ولَمْ ألمسْ شيئاً في بادية الجيرانْ
سقطوا كالنّمل على الجدران
سقطوا من سقف مراكبهم في الطوفان
سقطوا
والعالَمُ مَهجور
سقطوا في كلّ بيانات الرسمِ
على آنية الزهوِ بأودية الشيطان
والأبيضُ كان رسولي
قلتُ رسولي في الهذيان
ورسولي في الديجور
فاغتال العالَمُ ثوب ندى الكلماتِ
وخرَّ السقفُ على الجسد المقهور
قلتُ أعودُ إلى اللثغةِ في ثغر أخي
ما زال حبيس القمطةِ في السنة الأولى
- لغةٌ تتفاوضُ مع رئة العصفور
- شاةٌ ترعى الديجور
وأنا ما زلتُ أدورْ
في ساحات الماءِ سراباً
إذ أعطشُ
أو أنزلُ في ساحات الدور
قال: تهيّأ
واشربْ
قلتُ: قليلي في الحربِ
كثيري في أعمدة النور

السّاقطُ فسفور
والقابعُ في لعبة أطفالي فسفور
والنازح من جعبة جيراني فسفور
والقممُ الثكلى فسفور
والعالَمُ فسفور
وأنا ما زلتُ أدور
أبحثُ عن كهربة الماءِ هنا
وهناكَ
وأسألُ عن أهلي أين ينامونَ
فقال الأمواتُ الأحياءُ هنا
في غزّةَ
في الشاطئ
تحت الأرضِ
وفوق الأرضِ
وفي كلّ شظايا الموتِ
وفي الأبيضِ يأتي من لغة الفسفور
وأدور أدور
فأرى في نومي امرأةً
طفلاً
شيخاً
وأرى الكوثر ينبعُ من عين الشهداءِ
ويحجبُ كأس سريرتهِ عن أحياءٍ موتى
همْ أحياءٌ موتى
يخترعونَ صلاةً في عالَمِنا ويراءونَ
ويحتفلونَ هنا
وهناكَ بقوْلِ الزُّور
والشهداءُ الأحياءُ
الأحياءُ هنا في غزّةَ يخترعونَ
صموداً أسطوريّاً
لا يقهرهُ الأبيَضُ منشوراً
في أوعية الفسفور


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x