القصةُ في أوّلِها



يؤلمني الفَزَعُ الأكبرُ
والسُّمنةُ في الشارع، والماشي
يؤلمني
فأُراجعُ سُلّمَ أيامي
وأقاضي القطةَ في حوش الدارِ
وأسألُ عن ربكة هذا التنين

يؤلمني
وكثيراً ما يحوجني الشعرُ
_ ويُفرغُ كأسَ الرحلةِ من فاقة
غيمٍ مبلولٍ_
لأداري الريحَ تكزُّ شرارتها
في رأسي
والرأسُ قليلاً ما تومئُ للمرضى
بطنينْ

يؤلمني العارفُ بالريح على رابية الأشجارِ
كذلك يؤلمني القارئ
والشاعرُ
والمزمارُ
وأنا أشطحَ كالعشاق وراء امرأةٍ
من طينْ

الحوتُ مُعافى
والليل مدار العودةِ
والرّزقُ مدى بصري
وأنا لا أضبعُ شيئاً في الغابةِ
غيرَ ولادةِ صبّارٍ قرويٍّ
وبقايا مرآةٍ أذرعُها
لأرى الواحةَ خضراءَ
هنا مطرٌ
وهناك على شرفتها أملٌ
وحنينْ!

يؤلمني ما لا أعرفُه
أو أعرفُهُ
مضطجعاً في آخر بروازٍ للموتِ
تهافتُ أولاد الحارةِ
قصقصةُ الريح لأشجاري
والباعةُ في حِجْرِ التمكينْ            

يؤلمني ولدٌ في أفريقيا
ونساءٌ في  ميانمارْ
وعجائزُ في شرق الكونِ
كما يؤلمني بعض غموضي
وسؤالي عن وردةِ نسرين!!
وكذلك يؤلمني
طفلٌ فَرَشَ العمرَ بلحم براءتهِ
في أرضِ فلسطينْ

القصةُ في أوّلها
وَقَعَ الحافرُ في الأرضِ الجرداء
ولَمْ يستتر الحبلُ الأميُّ
وما لا يُشبهُ كركرة الإنسانِ
على خامته الأولى
إذ فاضَ التنُّورُ
وراحَ إلى جبلٍ معصومٍ
والناسُ سُكارى
والقصةُ في آخرها
تُخْطَفُ امرأةٌ في السبعينْ

كَذَبَ الطينْ
هلْ يكذبُ؟
قالتْ، والشرفةُ عالقةٌ بين أصابعها:
مددٌ للناي
وشيءٌ من قِصَرِ الثوبِ
وملحمةٌ نائيةٌ للريحِ
وآيتُها
تُذْهَلُ مرضعةُ في العشرينْ

يستولي الطفلُ على ساقِ المعنى
ويدورُ إلى حلقاتٍ مفرغةٍ
والناس سكارى
ويمرُّ على ألَمي عامانِ
ثلاثةُ أعوامٍ
ونجومٌ تختبرُ هلالَ الموتِ كثيراً
ويمرُّ الوقتُ البريُّ السائرُ
من صنعاء إلى نجدٍ
والعائدُ منْ بحر الشرقِ إلى آيتهِ
خلف النهرِ
ولا شجرٌ إلا في نُطُقٍ
ويُؤمِّنُ لي وجعي
لأعودَ بريئاً من ذئبِ الغفلةِ
أو ذئبِ اللعبةِ
أو ذئبِ الضحكِ على إيقاعِ الدحنونْ!!
ويمرُّ
يمُرّانِ
يمُرّونْ
وأنا أستنبتُ من رأس الحيْرةِ زعترها
في بيروتَ رأى خِرَقي ولدٌ
فأعارَ الجهةَ الثكلى سكّيناً
وأعار الحَنْجَرةَ الظمأى للوحدةِ
خيطَ صدًى
في قِشْرَةِ ليمون!

وعلى شاطئهِ البحرُ رمى حوتاً
وتنازلَ عن شَرَفِ الموجةِ في حطينْ
وهنا
وهناكَ رؤى منْ نَصَبوا أقواسَ الصمتِ
وعاثوا بالوقتِ
وهلْ يَطفحُ كيلٌ من أعراسِ الأمّيين!

منْ حَدَّ السّكينْ؟
منْ جذّرَ سربينِ لطائرةٍ نفّاثةْ
وأطاحَ بميلادِ الشعرِ
وخاتلَ إيقاع التّنين؟
من وقّعَ في الليل على تربتهِ
هذا الشعرَ الصافي
والغيمَ الحافي
والرملَ المكشوفَ على طينةِ
بحرٍ شقتْهُ عصايَ
فصارَ ملاذاً للناجينْ!

القصة في آخرها
نارٌ باردةٌ في كانونْ
مناخٌ صيفيٌّ تتجاذبُهُ في آذار الرؤيا
والرؤيا لا تخدعُ في مظهرها
غيرَ الأحياء الموتى
والموتى الأحياءُ على جبل
قال الشاعرُ في شُغُلٍ فكِهينْ!


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x