مباهلة




مُباهلتي للرّيحِ والنايُ عازِفُ 
ومسألتي سردٌ يروقُ وقاطِفُ

أباهلُ أقرانَ الخيالِ كأنّ لي
على الماءِ أسراباً، ونصفُكَ ناشِفُ

إذا ملكتْ أغصانَكَ الريحُ مرَّةً  
فذلك أنّي في السَّريرةِ واقفُ

تتوهُ ولاياتُ الحمامِ على هُدى  
وينفرُ مِنْ قيدِ السَّحابةِ خائفُ

فإنْ بدَّلَتكَ الأرضُ أرضاً، فلي يدٌ 
تطالُ علوَّ الأرضِ، وهيَ عواصفُ

وإنْ جاورتكَ الأرضُ، وهيَ سماؤها
فمِنْ لازبِ الطينِ الغريبِ عواطفُ

كحالٍ مِنَ الغيمِ الذي رصَّعَ المدى
وفارقَ أعشاشاً، وَهُنَّ ذوارفُ

يقولون أغضى، والبصيرةُ دولةٌ
بها يستريحُ العابرونَ اللواحفُ

فزدتُ على الميزانِ ثقلَ مودةٍ
وكادت لفرطِ الحبِّ تُغرى الصَّحائفُ

وفي نِيَّةِ الإيجازِ عَرضُ منارةٍ
تطالُ سماءً باركتْها الشَّواغفُ     

على أيِّ مَيْلٍ مالَ قلبُ يمامةٍ
لها فضَّةُ التغريدِ، والقلبُ نازفُ

أباركُ رحْماً قيلَ سادَ على الرّضى
وإنْ علَّلتْهُ الجارحاتُ النواطفُ

فأينَك مِنْ هذا، وأنتَ سرابُها
وخلفَكَ تَضرى في الجهاتِ المعازفُ

فضعْ عنكَ أشياءً نزفتَ لِصَوْنِها
دُهوراً مِنَ الميقاتِ، والصُّنْعُ زائفُ

أَصاغُ رَضيَّاً، قيل محيايَ ثورةٌ
وقلبي على الأرضِ العصيَّةِ راعفُ

أعانقُ سِفْرَ الريحِ وهيَ حبيسةٌ
وأنهضُ بالمعنى، وشعريَ عاصفُ

وأُخْرِجُ مِنْ كأسي الفُصوصَ كأنّها
مواقفُ لم تأنسْ هواها الطَّوائفُ

فدعْ عنكَ ما يُشقي، فلستَ نزيلَهُ
فذلك إيهامُ بأنَكَ وارفُ

وكنْ مثلَ ما يُنبيك قلبي، فلا رؤىً
وأقصى خيالِ الشِّعرِ في الرَّحْمِ عاكفُ

خيالٌ إذا ما كنتَ للريحِ حاجزاً
وكنتَ ضريراً يستحثُّكَ كاشفُ

فلا الظلُّ يبقى في الكتابةِ واقفاً
ولا الشَّهدُ يَعْرى، والورودُ لواهِفُ


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x