عراة في بلاط الأرخبيل


1-أحتاج أن أمشي:



أَحتاجُ أنْ أمشي
إلى لغةٍ تعيشُ على كلامي
أحتاجُ زَلْزَلَةَ العِظامِ

أحتاجُ أجنحةً
لأَبْسطَ خَلْوتي في الموتِ
أنْ يَنْشَقَّ إيقاعُ الحديثِ 
وأنْ أرى رَقْصَاً
على شَجَرِ الغَرامِ
 
أحتاجُهُ رُوحاً مِنَ المعنى القريبِ
وخصلةً للشَّعْرِ في رأسِ الخيامِ
لأظلَّ مُلتَبِساً على الأشياءِ
أُكثرُ مِنْ صَلاة الطَّيْرِ  في كَبِدِ الظَّلامِ
فأنا وَقَفْتُ على البيانِ
وَذِئْبُ أنْسِجَتي عواءُ البيتِ
يُمْطَرُ بالسَّلامِ على الرُّخامِ

أحتاجُهُ لِيفِرَّ مِنْ ريقي غَمامي
وأنا وَقَفْتُ على المَجازِ
وصُورتي تَسْري بِرُمَّانِ الحقيقةِ

... أستعينُ بما وراءِ الشَّكِّ
يا لغةَ الحَمامِ



2- حُجَّةُ التقوى:

                            إلى محمد القيسي


كُلَّما حاولتُ تَنْقِيةَ الهواءِ
مِنَ الشَّوائبِ جاءَ ظِلُّ الماءِ مِنْ سِرْبٍ
عَتيقٍ طائِرٍ في الما وراءْ

كُلَّما أيْقَظتُ نِسْياني
لأَذْكُرَ "رايةً في الريحِ"
خَرَّ على الرَّصيفِ فَنارُ مَمْلَكَةٍ
وأيقظَ مَنزلي لأرى السَّماءْ
كَحَمامةٍ بيضاءَ أَغْراها دَمي
إذْ بَيَّتَ الشُّعراءُ أحلامَ المنابرِ
صاغرينَ
لِحُجَّةِ التَّقوى
وهُمْ يمضونَ كالرّيحِ
إلى بَيْتِ  الخَلاءْ

كُلَّما أَبْصَرْتُ روحَكَ في رفوفِ الشِّعرِ
أَوْصَلَنا إلى "سارا" نبيٌّ كان يَرعانا
عُرايا في بلاطِ "الأرخبيلِ"
وكنتَ تمشي يا نبَيَّ الشِّعْرِ
وحدكَ في ميادينِ الحياةِ تزفُّ "عبد الله"
نحوَ أُمومةٍ للغَيْمِ
تَحْرُسُنا لِنَعْكِفَ مثلَ نَبْعِ الماءِ
بعدَ رنينِ غُربتها على سَبَخِ البُكاءْ

كُلّما قَفَزَتْ عصافيرُ القصيدةِ
نحو تَقْوانا
رَجعنا للغُبارِ على سَواءْ!!
 _________
*دواوين للشاعر الراحل محمد القيسي


3- الجَلّاخ:



كيف التَقَطتَ لَهُ جناحَكَ مرَّتينِ
وَرُحْتَ للجَلّاخِ تَرْصُدُ حِدَّةَ الأشياءِ

هوَ لا يقيمُ لكَ السَّفَرْجَلَ  في المقاهي
وانبعاثَ الجرحِ مِنْ كأسِ الملاهي
هوَ مطبقٌ عينيهِ
وْحْدَكَ مَنْ تَصُوغُ روايةَ الأشلاءِ
فاجلسْ نَبِيَّ السُّوقِ
مثلَ جُلوسِهِ في عتمةِ الأضواءِ
لترَ المساءَ يَلُوكُ سِحْنَتَهُ سَكاكيناً على الماشي
ولا حِدَةٌ
تَحُدَّ حقيقةَ الأسماءِ


4- أُصابُ بالقَلق:



أُصابُ بالقَلقْ
لأنني أُعيذُ كأسَ جارتي
مِنَ الرِّهانِ الحُرِّ في النَّسَقْ

كذلك الذي أريدُهُ مِنَ النَّهارِ رايةً
تَغرُّ بي وما اتَّفَقْ
لأنني أُوَثِّقُ الجِرارَ في ذُهولِها
وأَنْتشي كَمُفْرَدٍ
يَخالُ كلَّ أمرِهِ وَرَقْ
مُجَابةٌ أسرارُهُ
مِنْ شِقِّها المفتوحِ للنِّسيانِ
والبَيبانِ والشفقْ!


5- لئلا أطيل الحديث عليكم:



لِئلا أُطيلَ الحديثَ عليكمْ
سأَغْسِلُ بعضَ الفناجينِ مِنْ لعبةِ الأشقياءِ
وأرفعُ نِصْفَ الأيائلِ فوقَ المكانِ
وأسحبُ هَمْزةَ وَصْلِ الحُضورِ  على كلِّ بابٍ
وأنزلُ مثلَ أساريرِ هذا المَجازْ
لِئلا أُطيلَ الحديثَ عليكمْ
أَعُودُ لأكْسِرَ بعضَ الفناجينِ
ثُمَّ أُعَلِّلُ صَمتي
لأنسى التي كان يمشي مَعَ الخَطِّ فيها شُرودي
وأنسى على كلِّ حالٍ
غوايةَ كأسي الذي ما امَّحى
حين أَدْرَكَ صَمتَ الحِجازْ


6- أعلى الشجرة:



في السَّابعِ مِنْ أيارْ
قبلَ ظهورِ الأرضِ على سطحِ الأنهارْ
كان صديقي الواثِقُ
مِنْ أجْنِحَةِ الرِّحلةِ
يَحْتَجُّ بِنظّارتِهِ
وينامُ على ضِلعينِ مِنَ الأسرارْ
ينامُ قريباً مِنْ فُنْدُقِهِ
لا يَجْرُؤ أنْ يحتلَّ سِوى مترينِ
ويَمْحو باقي الأرضِ
إذا ما نَزَلَ وحيداً مِنْ أعلى
الأسْرارْ!

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x