لَغْوٌ كثير

  



لَغْوٌ كثير



لَغَوْتُ
فأَمْطَرني صاحبي بالسِّنينِ
وَظَلَّ يُنقّرُ بابَ الفضاءِ
لِيَدْخُلَ بين الغيومِ وقِشْرَتِها

لَغَوْتُ
وكنتُ أداري قِناعي
لأُنْجِزَ وَقْعَ يديَّ على بابِ روحي
وما مَرَّ جُرْحي الذي تركَتْهُ النُّجومُ
على حالِهِ
كَهَدْأَةِ نُورِ الضُّحى خافِتاً ومُريحاً
وَهَدْأَةِ جِسْرِ البناتِ
أتى صاحبي
مِنْ أقاصي الحدودِ
فأَبْلَغَني
أنَّ روحي هُناكَ على سَعْفَةٍ مِنْ بهاءٍ
تُضارِعُ شَوقَ احتباسي
على غُصْنِ سَرْوَتِها

كذلكَ كنتُ أراعي بناتَ السَّبيلِ
وأَخرُقُ ريحَ الشَّمالِ
لأعْقِدَ منديلَ أمّي
على غيرِ ما تشتهي دولةٌ
خَرَّ ليلٌ على إرْثِها الأبديِّ
كذلكَ كنتُ أراها على غيرِ ما تشتهي
صُورةً في حدودِ التَّفَتُّحِ بعد انكسارِ الإطارْ

كنتُ ذلك
لكنَّني لَمْ أُهيِّئْ لِنَفْسي
وجودَ الكَمانِ على وَتَرِ الصَّابئينَ
فَبَعْثَرَ قَمْحي سؤالُ الوجودِ
إلى أيِّ مَرْعى؟ 
وأينَ سأنشرُ هذا الكلامَ المُقفّى؟
وخلفي
تَكرُّ العُيونُ
لِتَفْضَحَ سَردي الغَريبَ
عَنِ الليلِ إذ يختفي فجأةً صاحبي مَرَّتينِ
وينأى
لِيَحْضُرَ بعد انسلاخِ الجُيوبِ المُضيئةِ
والكَهرمانِ الموازي لمعنى الضَّلالةِ
يُفْتي
على غيرِ عادتِهِ
أنْ صَلاحَ المرايا رجوعُ الأسيرِ
إلى ثَوبِهِ

لَغَوْتُ كثيراً
وأعرفُ أنّي لَغَوْتُ كثيراً
وقلبي كذلكَ
حتّى مجانين هذا التَّلَصُّصِ
مِنْ ثُقْبِها المستريحِ
على غُرَّةِ الانزياحِ الأخيرِ عَنِ الماءِ
ليس اشْتِباهاً
أُؤَكِّدُ
ليس اشْتباها
ولكنْ رجوعاً إلى صُورةٍ في الكَمانِ
لِنَعْزِفَ
في آخرِ الوقتِ
ما ظلَّ مني
ومنها

لَغَوْتُ
وَجَيَّرَني لانتباهي المُعقَّدِ
بيتٌ تحطَّمَ عند الهبوبِ الذي
لَمْ يمارسْ خفوقَ يديهِ على بابِ أُسْطورةٍ
في جفونِ المكانِ
وما كان لي أنْ أُعَزِّزَ هذا اليقينَ
سِوى دورتينِ بأرضٍ
تكادُ تَخرُّ على البَحرِ
أو تبلعُ البَحرَ
إلا قميصي الذي غَسَلَتْهُ الإناثُ مساءً
وطارتْ بهِ مَعْ حلولِ الضُّحى
يا شبيهي الذي أَمْسَكَ الأرضَ مِنْ قَرْنِها
واستعادَ القَصيدةَ مِنْ خَيْطِها
وما كان لي
أنْ أُعلّلَ أسبابَ هذا النُّزوعِ
إلى البَحرِ هذا الذي غَمَرَ الميتينَ بأحلامِهِ

لَغَوْتُ أنا
لَمْ يعدْ صاحبي مِنْ غوايتِهِ
غيرَ أنّي خَتَمْتُ على أَثَرِ الماءِ
بعضَ اصْطفاء الجُيوبِ
وعدتُ لأسرِجَ ريحي بخيطٍ رفيعٍ
دنا
وتدلّى

مَعي أَثَرٌ مِنْ بقايا النهارِ
ولكنني غائِمٌ بانتظارٍ شَديدِ التَّوَجُّسِ
أَلْهو بأَعْمارِ هذي النِّهاياتِ
حتّى إذا ما تَصَدَّع وَقْعُ السِّوارِ
  على مِعْصَمِ الأرضِ أبدو غريباً
وليستْ تَظلُّ على عِلَلِ الأرضِ
رؤيا مَسَرَّتِها!!


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x