لهذا تباطأَ قلبي عن السِّنديان


1- كلّما جئتُ في زمنٍ غامضٍ


كلّما جئتُ في زمنٍ غامضٍ
لا أريدُ الكتابةَ
فَرَّ مِنَ الماءِ وجهُ الحياةْ
كلّما أصْدَرتْ نيَّتي خوفَها
قلتُ: أَوْشَكْتُ أنْ أتحدَّى الرُّعاةْ
لأُنعِشَ طيراً على الأرضِ
رفَّ الأشفُّ على حَيرةٍ
في القنوطِ من الشِّعرِ، رَفْرَفَ
ثمّ رأى صورةً مُثمِرةْ!!

ستأتي القصيدةُ حقلَ ذُرَةْ!!
هكذا باتّساعِ النوايا إذا ما خَطَتْ نحْوَنا!
مِنْ عُروقِ الترابِ الذي في الشّمالِ
إلى سيرةٍ في جبالِ الشَّراة!!

هكذا
هكذا
يُخْطَفُ القلبُ من لُجَّةٍ في المياهِ  
ويُنْجي يدي من تباريحَ
قانطةٍ في سِياج المتاهةِ
عينيْ مِنَ الرِّقِّ في الضُّوءِ
رأسي مِنَ الشُّبهةِ الزائفةْ

هكذا 
ونَهاري دمٌ مُشْرَعٌ في الحقولِ!!
ومرآةُ نصي انعكاسُ الحياكةِ
في دَهْشَةِ الرِّحلةِ العاصفةْ!



2- وعزفٌ على نوتةِ الموتِ



وَعَزْفٌ على نوتةِ الموتِ
سُكّانهُ واقفونَ ومرضى
وليلٌ طويلٌ يُؤخِّرُ مَعنى العلاقةِ
بينَ الظِلالِ وبين القصيدةِ
أبكي لَهُ مرَّتينِ
لأشهدَ نقصانَهُ في الرَّحى  
وأُتِمُّ صَلاتي إلى آخرِ الأرضِ
في غيمةٍ تتداعى
لتنهضَ بي في مَسارِ أمينْ

وَعَزْفٌ لهُ ساحلٌ واقفٌ
في طريق الأفاعي
أحاولُ شَكَّ الخُطى
بالمسارِ المُبينِ، فلا أفلحُ
وأمسحُ عن جُلّنار الكلامِ زجاجي
وأبكي لغيم خراجي، فلا أفلحُ
ويبقى مزاجي يطيحُ بما تَمْلُكينَ
فهلْ تَعْبُرينَ إلى الأرضِ
حتى أُريكِ ارتباكي؟
وهذا طريقي
وإيقاعُ ساقي
ومرعى الحديثِ عن الصَّقرِ
يَسعى لِطَوْقِ النَّجاةْ!!



3- وللماءِ حِرزٌ عتيقٌ




وللماءِ حِرْزٌ عَتيقٌ
فجرِّبْ
_ إذا ما نأيتَ إلى صَبْوَةِ الغافلينَ
 لِتعصفَ بالممكناتِ _،
ترَ الماءَ يبكي علينا

وللماءِ شكلٌ
ولونٌ
وطعمٌ
تراكُضُ أجسامِنا في عَراءِ اللجوءِ
إلى تربةٍ ذاهلةْ
واحتمالُ اللجوءِ إلى صُفرةِ راحلةْ
وللماءِ سَهْمُ الخليقةِ
سَرْدُ الرجوعِ إلى مَوْئلِ الخَلْقِ
طحنُ الثيابِ

وللماءِ آياتُهُ في صَقيعِ الجهاتْ!!
لهذا أتيتُ بِنَهْرِ القصيدةِ أشجارَ كِينا
وَعَرْبَشْتُ فوق الخيالِ وجودي
لِتَحْكُمَ أمري المنازلُ
قبلَ انقسامي إلى جثتينِ

ولم تعلمِ الأرضُ أسرارَها
قبلَ موتي
لهذا أسالَ دمي حارسٌ في المدينةِ
سالتْ ضِفافٌ على النَّهْرِ
قلتُ أُريحُ حياتي مِنَ الطيرانِ
لأسكنَ عُشْبي الأخيرْ


4- أتيتُ إلى النهر عُريان أشكو




كما لم يكنْ للغيومِ غطاءٌ من الزَّنْزَلختِ
أتيتُ إلى النَّهْرِ عُريانَ أشكو
سَريري على البَرِّ دَمْعٌ من الموجِ
دمعٌ سخيٌّ لأبناءِ قانا الجليلْ
وأطيارُ رؤيا
تُفَعِّلُ قوسَ البهاءِ الأسيرْ

كما لم يكنْ شَهقةٌ في عَناءِ الزَّفيرْ
أتيتُ إلى النَّهرِ
زَحْفَاً
على رَكْوَةِ الطّينِ
كيلا تكسِّرَهُ جملةٌ في الفضاءِ الأخيرْ
أتيتُ حِبالاً مِنَ الشَّكِّ
ألفظُ شَكْلَ البداياتِ
وهيَ تمارسُ فطنةَ أنفاسِها
ذا مُثنى
وهذا وحيدٌ على القارعةْ
وهذا نبيُّ الجُموحِ
الجُنوحِ إلى أوَّلِ الشِّعرِ
بابِ الرُّماةِ إذا كُدِّستْ في نَفَقْ
وهذا بَراحُ يدي أيُّها النَّاسُ
لا تَفْزعوا
فالغبارُ نَسَقْ!
وربِّ الفَلَقْ
إذا زُلزلتْ صُورتي
لنْ تفوتوا إليَّ
فإنّي شظايا
وتكرارُها في مرايا تَدَلَّتْ على الأرضِ
لا تَجْمَعوها
فكلُّ المنازلِ في غيبةِ الرُّوحِ
رمَلُ المعاني
على شاطئٍ من وَرَقْ!!

كأيِّ نَسَقْ
أنا الآنَ أرمحُ في الجبِّ
يرمحُ ظلي
فأهدي الحيارى إلى كتلةِ الشَّمسِ
لا تَجْمَعوها
وأهدي الكسالى إلى أَثَرٍ في الخُطى
والعذارى إلى نارِها
والضُّيوفَ إلى قَلْبِنا في القُرى

كأيِّ نَسَقْ
أعيدُ إلى غرفةِ البيتِ باباً قديماً
وللماءِ شَكْلَ البنفسجِ
إذ تتشابكُ أيدي الصغارِ على طينةٍ
في الغَسَقْ!!
لأعرفَ أنّي توسَّطْتُ نهرينِ
في رحلةِ الحربِ
واختار لي صاحبي صَخرةً نائيةْ!

كما لم يكنْ للقصيدةِ
أنْ تحتفي بالحنينِ الأشفِّ
أَعَدْنا لها ثوبَها المخمليَّ
ورأسَ الهرَمْ
وكأساً منَ الخَرْدَلِ المُرِّ
كي يَسْهَرَ الناسُ بعد انقضاء الحياةِ
على برزخٍ في الألمْ
ولم
نقرأ الليلَ
كنّا نُداري لها فطنةً في هبوبِ الرِّياحِ
إذا خَرَّ قلبٌ
وأُغلِقَ فَمْ
كذلكَ كُنّا نُجاري القَدَمْ
على خطوتينِ من الماءِ
في بُعدِ نبعينِ سَنَّا وجُوداً لمجرى
على كَفِّ شَمْسٍ تُحنَّى بِدَمْ!!
ولكنَّهُ الماءُ كان وفيَّاً، وأكثر
ويَجْلبُ حِرْزاً لكلِّ المرايا
ينابيعَ منْ فضَّةِ الفَجْرِ
في أوَّلِ الموتِ لا آخرهْ!!
وكان صفيَّاً لذاكرةٍ نافرةْ
ويتبعُ مشيَ القطا في سُهول الخيامِ
ويخدشُ أحلامَنا الخاسرةْ!

لهذا تأزّمَ غيمٌ
ومرَّ على ريحهِ مرَّتينِ
تعالوا سريعاً
فقد آزرَ الموتَ هذا الجُنوحُ إلى الشَّكِّ
فانحازَ لي
ومضى دائخاً
فإذا في النُّصوصِ المطيرةِ عُرْسُ النَّماءِ الأخيرِ
وأشياءُ تكثرُ في حلبةِ الليلِ
حدْسٌ قريبٌ من الشَّمسِ
يمحو على حلبةِ الأرضِ
ما ظلَّ منْ طينِ هذا الغريبِ الأسيرْ

نَصْعَدُ أَلْفَ مَدارٍ
من الغاوياتِ اللواتي
أَقَمْنَ الصُّدورَ لهبّتنا في الخيالِ القريبِ
نَعودُ حَيارى
لِأُسطورةٍ كنَّسَ الماءُ فيها
تراباً
ولم نتّعظْ منْ جُموحِ الرِّقابْ


5- وتستجلبينَ البهاءَ من الحُبِّ




وتَسْتَجْلِبينَ البهاءَ من الحُبِّ
نفْسي من الماءِ
لو فَرَّ قلبي إلى رُكْنِهِ الغَضِّ
لو مرَّروا سبحةَ الأرضِ في نورها
واستراحوا
وتَسْتَدْرِجينَ من الطيِبِ أنفاسَ رؤيا
ودنيا
وتَسْتَأْثِرينَ صُعوداً إلى البَوْحِ
بعضَ الرعايا
لأنّكِ إيقاعُ ما لا تريدُ الغرابةُ منّي
وريحٌ على الناي
ريحٌ مُتاحُ
يجيءُ الندى في مساءِ الغريبِ
بلا أيِّ رقصٍ
كلالةَ عُمْرٍ
ومأوى ضِباعِ
لهذا أُجَهِّزُ ليلاً متاعي
وأَحْجُرُ يوماً يتيماً على بابِ روحي
ولستُ أَضيعُ إذا بدَّلوا
لي ثيابَ الحديقةِ، أو وزَّعوا
في مقامي كتاباً عريضاً لهذا النَّفَسْ
ولستُ أنيبُ عن الكائناتِ 
مرايا العَسَسْ



6- لكَ الله يا نايُ



 لكَ الله يا نايُ
من عَطَبٍ في الثُّقوبِ
وقد غيَّروا صرَّةَ الريحِ
ها إنهم في معاطفَ رؤيا السُّكونِ
وأنتَ الوحيدُ الذي فُزْتَ من قِدَمٍ
بين لحم الأصابعِ
والماءِ
والوترِ المُشتهى

لكَ الله
أمسِ ارتوى طائرٌ من ثقوبِ اللّحاءِ
فضجَ لهُ الرّيشُ
قلبُ الغريبِ
فَخَرَّ على سيرةٍ في الجنوبِ
لك الله
منْ قالَ إنَّ الغريبَ على رأي أُمّي
يمارسُ فِقهَ الحُروبِ
ويُكْمِلُ طحنَ الثيابِ!!



7- هنا كان رأسُ الحقيقةِ يبكي




هنا كان رأسُ الحقيقةِ يبكي
وَيَضْحى
وكان أبي في مَمَرٍّ يَضيقُ
وكانت نِساءُ المُخَيَّمِ
ينشلنَ طفلينِ من غارةٍ في الحقولِ
وكان لمعنى الخيامِ مِنَ الريحِ
في رأسِ هذا القناعِ قِناعٌ
وسيزيفُ كانَ وصيَّاً على صخرةٍ في المَمَرِّ
رفيقاً بأيامنا في الجهادِ
ومرعى الصبايا
وَفِيَّاً لِضِلْعِ التَّسَلُّلِ نحو الشّمالِ
عَصِيَّاً على صُورةٍ  لا تريدُ الخروجَ
عن العُشْبِ يَصْفَرُّ بعد انحناءِ المدى
في سِلال البشرْ!!

وكم دانَ ضعفاً
وغادرَ نحتَ العبورِ
إلى
جبلٍ
في
الأعالي!
وأكملَ طحنَ الثيابِ

هنا في البلادِ
البلادِ التي أَصْلُها
من شُهودٍ على الناسِ والعُشْبِ
والسالكينَ إلى ربهمْ
وهنا حُلْمُ أولادِها يُحضِرونَ الطُّيورَ
إلى وَرَقِ الماءِ للغُسْلِ
منْ يَغْسلُ الهُدْهُدَ الآنَ من غيبةٍ
في أعالي الطُّرقْ؟
والملائكةُ المُكْرَمونَ على بُعدِ ظلينِ منها
يُربّونَ مثلي الحجلْ

إلى الغُسْلِ مالَ أبي ذات موتٍ
فأَثْقَلَ للأرضِ أغصانها، وارتحلْ!
لألبسَ إيقاعَها المُحتَملْ!  
ولكنّهُ الماءُ كان وفيّاَ
وَبَرَّاً بوالدتي
بالكلامِ الأخيرِ على ثوبِ زينبَ
كان يمارسُ فِعْلَ الغوايةِ
حُرَّاً كأوتارِ هذا الكمانْ!!
لهذا
تباطأَ قلبي قليلاً
على صورةِ السنديان! 


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x