ويمغنطون الأرض بالإيقاع



1- ملءَ ما أَصْدَرَ النَّاس:



شَبيهي بريءٌ مِنَ الظَّنِّ
مِنْ لعبةٍ في السهولِ
ومن غايةٍ للمحاربِ
وهوَ يَدُسُّ على الحربِ معنى اختزالِ الوجودْ
 
بريءٌ مِنَ الظنِّ
حتّى تُوارى النُّجومُ الرَّواكدُ
مِلءَ الجهاتِ التي أتقنتْ ريحنا
مِلءَ ما أَصْدَرَ النَّاسُ
مِنْ رعشةٍ في عراءِ القيودْ

بريءٌ إذا حَجَّ قلبي
إلى تربةٍ في السَّرايا
وعاد إلى سعْيِه باذخاً بالورودْ

كذلك تخطو إلى الحبِّ راياتُنا
لو توسَّعَ هذا المقامُ لأوسَعَكُمْ دهشةً
غيرَ أنّي سَلَبْتُ مِنَ الظنِّ إثمَ الحدودْ

بريءٌ
ولكنْ إذا جدَّ لي في طريقي
إلى الأرضِ ما يُحمدُ
وما يتصاعدُ منّي
وما يصعدُ
وما يتأخَّرُ عن سيرة الأرجوانِ
وما سوف يأتي على أغنياتِ السَّكارى
سأنجي هلالينِ مِنْ قفزةِ الموتِ قفزاً
إذا ما صَعَدْتُ إلى سَكَنٍ طافحٍ بالضَّلالةِ
لا أستعيدُ يدي مِنْ يدِ الماءِ
حتّى أُقاضي منازلَ هُودْ!! 

2- جسرٌ من الشّهداء:

  
يلبسونَ ثيابهمْ
ويُمَغنطونَ الأرضَ بالإيقاعِ
أوَّلهمْ رأى في الماءِ شكلَ غوايةٍ
فأصرَّ أنْ يُلقي التحيةَ:
أنصِتوا لرياحهِ في الماءْ

وثانيهمْ تمغنَطَ
والسَّراويلُ التي سألتْهُ عن نقصانهِ
في الرَّكضِ
لم تسألْ عن الشُّعراءْ
أنصِتوا لحلولهِ
في الماءْ
ثالثهمْ بنى بيتاً قريباً مِنْ خريف الحرفِ
فابتلَّتْ يداهُ
ولم يعدْ مِنْ رحلةِ الإغواءْ
أنصِتوا لعزائهِ في الماءْ

أمَّا أنا الماشي إلى غَدِهِ
سأنقشُ في الطريقِ جناحَ نفْسي
أيها الفقراءْ
أنصتوا لعُبورِ أحفادي على جسرٍ
مِنَ الشُّهداءْ!


3- لِمَ لا ترى:



لِمَ لا ترى
قال الذي في آخرِ الطَّابورِ
للرَّجُلِ العجوزِ
فهزَّ رأسَهْ!

لِمَ لا تقومُ الآن للمقهى
قال الذي في آخر الحيِّ الكسولِ
لجارنا العطشانِ
فاختصرَ الحكايةَ بالغيومِ
وهزَّ رأسَهْ!

لِمَ لا تروحُ إلى المطارْ 
قال الذي أعيتْهُ سنبلةُ المنافي
لا حقائبَ في الطريقِ إلى المطارِ
وهزَّ رأسَهْ!

لِمَ لا تقاتل
والغبارُ رفيقُ هذي الحربِ
قال الطائرُ الأبديُّ للإنسانِ:
هذي الكأسُ سيرتنا إلى المقهى
وإيقاعٌ لِمَنْ صَعَدَ الغيومَ
وهزَّ في بلدٍ عتيقٍ
مُضْمَحِلِ الحرفِ رأسَهْ!!


4- أبد مقفّى:



كُنْ مثلنا ولداً غيوراً
صاعداً لرياحِنا في الصَّيفِ
لا تسألْ عن المجرى
ففي الأنحاءِ
حبرٌ طائرٌ  من ريشةٍ وأنينْ!

كُنْ ضِلْعَنا الأبديَّ
واخترْ ما يناسِبُ غيمكَ الغافي
على رئةٍ تَمُرُّ على فيافي الماءِ 
إيعازاً لرؤيا الطينِ
وانسخْ صورةَ الأبدِ المقفّى
بالحنينْ


5- كِير:



سأقولُ للفرَّانَ: هذي حبّةُ القمحِ
الوحيدةُ  في صوامِعنا
فلا تظهرْ على النّسوةْ!
أَرْجَأْنَ حقلَ سنابلي
ورجَعْنَ عن ساعاتنا الرَّخوةْ
وأقولُ للنجّارِ: هذا ملمحُ الأبوابِ
إذ يُفضي إلى الجيرانِ
فارفِقْ بالمفاتيحِ الذليلةِ 
إذ يُغَشِّيها نُعاسٌ أصفرُ العينينِ
وأقول للحدَّادِ: يا معنايَ في اللينِ الأخيرِ
إذا أتيتُكَ زاحِفاً
فانفخْ بذاتِ الكِيرِ


6- ريح قاصر:




عينُ الجمالِ قصيدةٌ حيرى
ونبْضٌ شاعرُ
فإذا رأيتَ سوادها في نحرِها                 
فاعلمْ بأنَّ الشَّوكَ ثوبٌ ساترُ
وإذا عَزَمْتَ على القُشورِ
فكُنْ يداً خضراءَ
يُرجعها حنينٌ آسرُ
فهي المناعةُ منْ سقوطٍ صاخبٍ            
وغوايةٌ أخرى
وعطرٌ ساحرُ

أنّثتَ فيها الأرضَيرحَمُكَ الهوى      
وَنَفَرْتَ كي تمشي لديكَ حرائرُ
فتوزَّعَ المعنى
وسيقَ إلى الذي        
وُلِدَتْ على كفيهِ ريحٌ
قاصرُ



7- آخر الرؤيا:



آخر ما فعلتُ على بساط الحلم
كنتُ أراقبُ الأشياءَ في أيلول

مبلولٌ
هو القصْدُ الذي أدمنتُهُ
لأعيش في التأويلِ

وطنٌ تركتُ على يديهِ غوايتي
وخرجتُ أبحثُ فيهِ
عن مجهول!

8- بأعلى حدوسي 



للمرايا نصيبٌ مِنَ البوحِ
حتّى إذا ما رأيتُ النَّدى
فوق رملِ الزُّجاجِ
تسللتُ وحدي إلى الشَّمسِ
هذا نثارُ الطريقِ

للبناتِ اللواتي لمسنَ يديَّ
هنا في جيوب الهواءِ دلالٌ
وأفراخُ نفْسٍ تعالتْ على نفْسها
يا رفيقي

سمائي إذنْ حارةٌ في الكتابةِ
حتّى إذا زارني حارسٌ
في المحبةِ، صحتُ بأعلى حُدوسي:
أنا هزّةٌ في أراضين تمضي
وبابُ سماواتِ رؤيا
وإيقاعُ روحي

أنا لي نصيبٌ
بأعراضِ
هذا
الجموحِ


9- ليس توقيتاً لمعنى



كانَ لي
أنْ أُشْعِلَ الشَّمسَ التي انطفأتْ مِنَ الإيقاعِ
أحميها مِنَ الأفعى
ولكنْ رمَّلَ المعنى حوارٌ قاصرٌ
عن ديكِ هذا الفجرِ
إذ أضحى نبياً لا يفارقُهُ الكمانُ

ليس توقيتاً لمعنى
أنْ يفيض الحبرُ مِنْ لغتي
على سَعتي، إلى ضيقِ الحياةِ
لأبتني عُشَّاً يُواري حيرةَ الرؤيا
ويهدمهُ الجبانُ
ليس إيعازاً لمعنى الراكضينَ إلى يدي
ما كنتُ أغريهم بترياقِ الحياةِ
ولا بنهرِ الخمرِ مِنْ لغتي
ولا بالخافتِ الناريِّ في مخياليَ الجنيِّ
مَنحولاً إلى صدرٍ ذبيحٍ
كان يشفعُ لي
ولا بتتابعِ الأورادِ
مُستاءً مِنَ الطرقاتِ يحجُرُها اللسانُ

ليس إيذاناً بإشراقِ القصيدةِ
مِنْ لدُنْ رؤياي
يحسُدُني عليها كلُّ مَنْ أغوتْهُ إمرأةٌ
وأخرسَهُ البيانُ

ليس ذلكَ
غيرَ أنْ لا يُفلِح الماضونَ في لغتي
إذا ابترَدَ الزمانُ


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x