حَجَر البازلت



هوَ منجلٌ في الأرضِ...،
حارسُ نخلةٍ في التلِّ
تحت السُّورِ خبّأتُ الكلامَ عن الخيولِ
وكان لي حَجَرٌ على سطح البيوتْ
حجرٌ من البازلتِ أسودُ
حيَّرَ الريحَ
انتهى لقلادةٍ في البحرِ
أرشدني إلى المعنى أخيراً
قلتُ أرقبُهُ هنا في بطن حوتْ

هوَ منجلٌ في الأرضِ...،
أقمارٌ مصفّدةٌ
وريحانٌ
وجسمٌ لا يموت
أبقيتُ في أطرافهِ كفّي
وخاطبتُ الندمْ
أنا من خفيفِ الوزنِ
أشعلتُ البنفسجَ في دمي
وقرأتُ أسرارَ النُّعوت
- نعتٌ على رئةٍ يفيضُ دُخانها
خَجَلاً على جبلٍ
ونعتٌ في السُّكوت
- نعتٌ من النخلِ الذي لا يشبهُ النخل الصَّموت
- نعتٌ على بابِ المدينةِ من شقاوة عاشقٍ
وسراج سيّدةٍ يقارعُ عنكبوت
ويدي مِرانُ القولِ
تفّاحُ الحديقةِ
حارسٌ نَعَتَ الهواءَ
وزوّجَ المعنى لمرآةِ من الكبريت
وأنا الألَمْ
ألَمٌ على القوقازِ
عكّازٌ لأندلسِ الورمْ
ألَمٌ لعقربَ يخطف السّيْلَ المُعتّقَ في البراري
ألَمٌ لقارعة النهارِ
ألَمٌ على فستانِ غزّةَ 
طائرٌ من واقعٍ وَقَعَ الزّمانُ عليهِ
واصطادَ الألَمْ

وهناكَ في الدانوبِ
كان يشدّني وجعٌ
لأخطفَ نشوةً أولى
لسير الذاكرة 
في الطابقِ العلويِّ بعد مسافةٍ غبراءَ
كان الصّفُّ محَميّاً بأحلام القصيدةِ
كان سربُ الماءِ مشدوداً لحبل الخاصرةْ
وأنا إلى جبلِ أشدُّ صلاةَ روح الأرضِ
تظفرُ بالرياحِ
تطيرُ من مقهىً إلى برِّ
أرى في لحمهِ القوقازَ
يخرجُ من تفتّحِ مقلتينِ على حصيرِ الأندلسْ
وأنا تزاوج إصبعينِ
على التوجِّهِ نحو باب اللدِ
نحو تمرُّسِ التفّاحِ في الإيقاعِ
أو لحن القدم

وذبحتُ ديكاً عند باب البيتِ
قلتُ لعلَّهُ
يمشي إلى ريش الصباحِ
وقلتُ أسبقُ غابةً ملأَ الزمانُ شبابها
وأذِنْتُ للأخرى بأنْ تمشي أمامي
قلتُ أصطادُ الفراشةَ
ثمَّ أكتبُ آخرَ المعنى هنا
بدأ الفتى بصلاتهِ
شجرٌ على علاّتهِ
شجرٌ مُعدٌّ للقصيدةِ
ترمشُ الفوضى...،
فقلتُ أدسُّ أصبعَ حاجتي
وأدوِّنُ الريحَ التي فقأتْ جنوب الأرض
وانتصرتْ على ريحِ العدمْ

ألَمٌ
وأرجعُ مرّتينِ إلى عظامي
أرقبُ الطينَ الذي ينزاحُ عن جسد الهرمْ
ألَمٌ على القوقازِ
عكّازٌ لأندلسِ الورمْ

وأذوقُ خطوتها
وأدفعُ بالنّباتِ إلى الترابِ
وأنزوي طللاً على رمحي
وأكتبُ: يا الذي....
وسلّمَ
والتزمْ
أنا لمْ أذقْ....، إلاّ  
وطارَ النايُ من ثقبِ الحياةِ
فقلتُ أرجعُ بالنشيدِ إلى نواميس القيامةِ
كان منتشياً دمي
وحبستُهُ في أرجوانِ تلذُّذي
وقفلتُ أبحثُ عن إرمْ

إرمٌ تصابى ظلُّها في الأزرقِ المنحوتْ
إرمٌ ومنفى
وانقطاعُ الدّمِّ في التابوتْ
إرمٌ على عَجَلٍ تفوتْ
إرمٌ
إرمْ
وأنا أناجي صاحبي
حصراً على رئةِ النّدمْ
وأعودُ مطلوباً إلى دمِها
وأسكنُ في الخيامِ
وقد أرى مُدناً
وأبدأُ من دفاترها
وأشهدُ أنني ألفيتُ في البحرِ الغزالةَ
ترتوي من أرضِ رَمْ
الطينُ فوق الحبلِ يقمرُ حاجتي لقصيدتي
وقصيدتي نبعٌ يفيضُ من العيونِ
بأرضِ رَمْ
من ها هنا مرَّ الغزالُ
وما يزالُ
يُرمِّمُ التابوتَ
يفتحُ ساحةً ليمرَّ سكّانُ النّهارِ
وينجلي وجعُ القلمْ

الطينُ لَمْ
والماءُ لَمْ
والأرضُ تسبحُ في تراثِ الأهلِ
من وادي الحِمَمْ

الجندُ لَمْ
والناسُ لَمْ
والسّقفُ مرفوعُ
ولَمْ أمشِ إلى بابِ الحمامِ
ولم أذقْ وجداً ببابِ الدّارِ
لَمْ ألضم قناديلَ الزمانِ
على سياجِ البيتِ والنّبّوتْ
لَمْ تهزمِ العذراءُ عاشقها
ولَمْ يهزمْ حديثَ الشّكِّ من ألقى بغرّتهِ
انتساب الطينِ للجبروتْ

الحبُّ لَمْ
والموتُ لَمْ
وأنا أفتِّشُ عن جدارا في مَهبِّ الريحِ
تدخلُ في يدي فينوسُ
ترقمُ سلّتي
وتصفِّفُ الرّمانَ
أسألها عن الدرجِ الذي يرقى إلى دمِها
فينأى
ثمَّ يرشدني إلى نافورة الماءِ
انتبهْ
لحوار أجدادي
فأرقصُ
ها أنا في الحربِ أكشفُ عن دم الرّغبوتْ

الطفلُ لَمْ
والكهلُ لَمْ
وعلى الجدارِ من الخفاءِ رسومُ أطيافٍ
هنا طيفٌ من الغيم البعيدِ
ومنزلٌ فيه اشتباهٌ
أنَّ ماءَ الأرضِ
كان يُسَوْسِنُ المعنى ابتداءً
من منافحة الصباحِ
ومن تألقِ نجمةٍ عبرتَ إلى أقصى دمي
فتمازجَ الماضي مع الزمن القريبِ
وكان لي شيءٌ من الفوضى
ولَمْ
أنهضْ
كما نهضَ الهوى في العالم السُّفليِّ
يوم تزحزح العشبُ المعتّقُ
قلتُ لعلّها تحمي على وجعٍ أرابيوس
وأنا كمثل كلامهِ
سأقولُ للأرضِ الجليسة في حنيني:
أخرجي ميقاتَ نومكِ من دمي!!



إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x