بقايا حِيَلْ





(1)
تقولُ صفحتُها: إذا خَبَّأْتَ وقتَكَ
وانْشَغَلْتَ بِما وراءِ الأمسِ
كيف ترى الصُّعودَ إلى بهاءِ الحُبِّ
كيف تَمُرُّ بين دقيقتينِ إلى كياني

تقولُ صفحتُها التي تَتَأَنْسَنُ الأشياءُ فيها  
ثَمَّ وقتٌ للأغاني
غيرَ أنَّ الفَرقَ بين الطينِ والرَّملِ الكَسيحِ
مدارُ أنثى في يقينِ السَّالكينَ إلى الأماني

تقولُ صفحتُها أخيراً
ليسَ لي مِنْ فاطرِ الإيقاعَ
غيرَ تذكُّرِ المعنى
خُلِقْنا مِنْ سُيولِ الحِجْرِ ثانيةً
ومِنْ شَبَقِ الخيولِ على مساءٍ أُرجواني
ليسَ لي مِنْ فاطرِ الإيقاعَ
غير تَبَتُّلِ الفوضى على سَرْدِ المعاني!

تقولُ صفحتُها: خَرَجْنا مِنْ عُيونِ الشَّوقِ
نحو فداحةِ الأيامِ
يا أيامُ لا وعيٌ يقودُ إلى الدِّنانِ

(2)
لا تَعْذِليهِ
تقولُ صفحتُهُ
أضْحى يُضارعُ وردةَ الجُوريِّ في فستانِها
جاءتْ فأَرْفَقَ بالحنينِ
تأَلَّمَتْ
وبكتْ
وغادرَ طيفُها كالقَوْسِ
لَمْ يَرْفقْ بحدْسي حين زارَ قصيدةً أُولى
فَبَلَّلها المساءُ السَّرمديُّ الغامضُ الرُّؤيا
كماءِ وضوئهِ في النَّحتِ
لَمْ يثقبْ سِوى قلبينِ مَرَّا عالِقَيْنِ
بوردةِ الذّكرى
ولكنْ فاتَهُ أنَّ المرايا صُورةٌ أخرى
ولَمْ تبرُكْ على نسيانِها

تقولُ صفحتُهُ: تلألأَ حاصِداً
روحَ الحكاية كلِّها
فَهَرَبْتِ أنتِ كَرِدَّةٍ في الضُّوءِ
أنْعَسَها الصَّدى
وأتى يُجَمِّعُ ما تركْتِ على يديهِ
مِنَ الدُّخانِ
غيرَ أنَّكِ عندما فَتَحَ الينابيعَ الخفيضةَ
لَمْ تعيذيهِ مِنَ الأشياءِ
في مَعنى التَّرَدُّدِ
بين أنْ يمشي إلى سَكَراتهِ
أو يَسْتعيدَ الليلَ
حينَ تَصالَحا في لحظةٍ
وغَفى قليلاً
أَذْكُرُ الفَرَحَ النبيهَ
وليلةً شَرِبَ النَّدى مِنْ غيمةٍ
حَنَّتْ على إنسانِها

تقولُ صفحتُهُ: ما كانَ مُرْتَبِطَاً مَعَ الجنّيِّ
حينَ أصاخَ للناي ابتداءً:
كان مَيّالاً إلى رَشْقِ البَنَفْسَج
في يدين نزيهتينِ
لكنَّ الفتى لَمْ يخترعْ أمراً جديداً عالِقاً
لِيَمُدَّ حَقْلَ حنينهِ العَطشانِ
في قيعانِها

(3)
تقولُ لجاري: أما جِئْتَ كي تَطْلُبَ الماءَ؟!
يقولُ: أجلْ
تقولُ: أبي خانَني مرتينِ
تهالكَ حتّى يرى جارةً في ثيابِ السُّطوحِ
وأخرى على بابِ هذا الخَجَلْ
يقولُ: هوَ الآنَ يُرْزَقُ بالأُنثيينِ
تعالي إذنْ كي نُعيذَ الحَجَلْ
مِنَ اللازَوَرْدْ
تقولُ: سَتُرْزَقُ أنتَ كذلكَ
باللانهائي مِنَ الشَّكِّ
فأْنَسْ على بابِ شَيبِكِ مَعنى الغَزَلْ
تقولُ لجاري: أما كنتَ تمشي صباحاً
إلى السُّوقِ
تَحْمِلُ فأسَ الحياةِ
وتخدشُ ما لا تراهُ التي أَمَّنَتْكَ على رَحْمِها
وتَبْني رموشَ الأمَلْ؟!
يقولُ: سأَعْبُرُ خَطَّ الفواصِلِ بيني
وبين الدّيوكِ الجريئةِ
حتى أمارسَ هذا النَّهارَ الأخيرَ
وأقفزَ فوقَ المعاركِ
كلِّ المعاركِ حتّى التي في بيوتِ الأجَلْ
تقولُ لجاري: أما زُرْتَ أبيضَ هذا الأَلَمْ؟!
أما كنتَ تخشى على صُورةٍ للمساءِ الأسيرِ
وتعرجُ كالرّيحِ
نحو الأيائلِ في غارِها؟!
أما وَرَّطَتْكَ العُيونُ بِما لا تُطيقُ
إذا ما انْقَلَبتَ إلى البيتِ
والنَّاسُ يجتمعونَ على كلِّ شيء
سِوى ما تداركَ هذا الفَناءُ على راحتيكَ؟ّ
يقولُ: أنا آخرُ الحارثينَ
لِعَقْل التَّمَنّي
وما خَبَّأَ الموجُ مَعْ خالصِ الياسمين
بقايا حِيَلْ

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x