هنا يبري الفتى الإيقـاعَ حـرّا
وينثرُ في الوريدِ دمـاً وسحـرا
ويكتبُ في سجـل المـاءِ لحنـاً
يضارعُ فنّـهُ مـا شـاء دهـرا
فأذكرُ كيف ساقَ اليـوم بحـراً
صحائفَ خلتُهـا تذكيـهِ بحـرا
فقلتُ لبائـعِ الأمـواجِ جِدْنـي
فقالَ إذا وجدتكَ
قلـتُ شعـرا
وجودك يمتطـي سقفـاً وينـأى
إذا ما حلَّ بعد اليسـر عسـرا
فألّبـتُ الهـواءَ علـى ريـاحٍ
تمادتْ في الغِوى شعراً ونثـرا
وعدّتُ إلى قميص اليومِ أبـري
سهامي كي أجدْ في الموتِ عذرا
فقابلنـي
ووسّدني جبيـنـاً
يقيمُ الشمسَ في التّرحالِ ذكـرى
هنا وقَفَ المنادى فـي عيونـي
وسلّ مِنَ العيونِ النـارَ شَـزْرا
فقلـتُ لـهُ: إذا رُفـعَ المُعنّى
وحطَّ عقالَهُ فـي النّحـوِ أمـرا
أقمْ من فائض المعنـى خيـالاً
ومخيالاً تداعـى اليـومَ جهـرا
أنا يا صاحبـي
والبـدرُ يجثـو
على عين الحقيقةِ لستُ أعـرى
أراهـنُ أنّ ميـلادي قـريـبٌ
وباب الدارِ ينـزعُ فـيَّ هجـرا
لأحملَ من رواة العمـرِ طيـراً
وأسرجَ في المدى ريماً وأخرى
كفاهـا أنَّ ميقـاتـي رســولٌ
وذنبي في الهوى يحتـاجُ وزرا
فَمِنْ جرحي تراءى سيفُ نفْسي
وألهبني الجراحَ
فقلتُ صبـرا
سأعدو للظـلال بقـرن شمـسٍ
وأقري الضّيفَ يوماً ثمَّ شهـرا
وأسألهُ النجـومَ علـى ثـلاثٍ
وأسفحُ دمعتـي للنـاي خمـرا
بنا يا مـوجُ نخفـقُ فـي دلالٍ
إذا صارَ الندى في الموتِ عطرا
فقد نبـسَ الجميـلُ بمـا تأتّـى
مِنَ البحرِ استوى
وأتمَّ شُكـرا
فحازَ النـورسُ البحـريُّ قلبـاً
وغالبَ موجَهُ في الموجِ طهـرا
فقلـتُ لأهلـهِ هـذا سـؤالـي
إلى أينَ المفرّ ضحًى
وعصرا ؟
فخلفَ البحـرِ رومٌ يـا أناتـي
وخلفَ أناتـهِ مـوتٌ وأسـرى
يبيـعُ المهـدُ أوقاتـي ضـلالاً
وأشري رقّتـي جرحـاً وتبـرا
فإنْ سجدَ السرابُ على سـرابٍ
وعاينَ في الفـلاة الغيم تبرا
أعيشُ على جنونِ الليلِ، أهـذي
وأغري ناقتي بالعيش سكْـرا