في البيتِ يا وادي الحمامِ



             -1-       
في البيتِ يا وادي الحمامِ
رأيتُ أيامي معلّقةً على الجدرانِ       
بعضَ فراشةٍ وتحكُّ في سطر الهوى
روحاً
وريحانا
وأقولُ للأنثى استريحي
يا التي عاشرتها ذئباً
وإنسانا

في البيتِ يا وادي الحمامِ
رأيتُ لي جبلاً يفيضُ إذا تصدّع
من كلام السائرينَ على الثرى
لحناً
وبركانا
أنثايَ ما جزّتْ ضفيرتها
وما رسمتْ بباب الدارِ أمكنةً
وأزمانا

في البيتِ
ألفُ قصيدةٍ عبّأتُها بالأرجوانِ
وقلتُ: يا حورانُ لي مَمشاكَ
في المرآةِ، فاتبعني إلى وطنٍ أسمّيهِ
إذا ما عُدتُ حورانا

           -2-
أيوبُ خطّ على البسيطةِ ثورة الصبرِ
وملامحَ انكفأتْ على مَجرى الحياةِ
بريشة الشعرِ
لَمْ يتفق اثنان في النوم المطاردِ
عند وادي السنديانِ
وكان حُلْمُ السيفِ إيقاعاً على الوترِ

أيوبُ ما نعتَ الفجاءةَ بالخنوعِ
ولا القصائدَ بالغموضِ
ولا الزنابق بالفراشِ
ولا الوضوحَ براية الفجرِ     
لكنّهُ البوح الذي ما غطَّ في النسيانِ قهوتَهُ
لينأى بالصدى بعد انكشافِ السرِّ
أو ينأى إلى ما تعشق الأشجارُ من طيرِ
وما حملَ الهواءُ من الخنادقِ
غير شهوتنا إلى الطُّهرِ

أيوبُ حيلتُنا إلى فكّ الغموض
عن الخواطرِ
وهي تسري في السريرة

             -3-
وتنهّدتْ رئتي
ليصعد أوكسجينٌ ضائعٌ في الأرضِ
سِرُّ مرارتي أنّ الحصى
متبتّلٌ فيها

هي نفْسها الغجريّةُ الأولى
وكنتُ أزفّها لحرارةٍ في الثلجِ
كنتُ أرقّطُ المنفى بواديها

هي لوحةُ النَزَقِ الذي يحتلُّ نصفَ الكونِ
جُرْمُ اللحظةِ الحبلى بماضيها
 
ونصبتُ في الرقصِ الجميلِ كمائناً للحبِّ
لكنَّ الربابةَ ما جنتْ عسلاً
على شفةٍ مُخبّأةٍ، وما أرختْ ذؤابتها
وما تركتْ من الكلماتِ شيئاً في مراميها
الموتُ مضيعةٌ هنا
يا أيها المنفيُّ في التابوتِ
فاخترْ من أناشيد الصبا وتراً
ولا تعزفْ عن المغنى

وضعوكَ في الميزانِ
كنتَ رجاحة الكفِّ التي اختارتْ من اللغةِ القديمةِ
ما يؤهّلها إلى المبنى

يا أيها المنفيُّ في التابوتِ
كيف تموتُ أغنيةٌ وضعتَ لثوبها لحنا

الموتُ مضيعةٌ هنا
ويدورُ حولكَ كلّ من عقلوا
حضورَكَ إذ تحيا
وإذ تفنى


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x