الغابة الأولى كمائن لي


منّيْتُهم بالقمحِ
لكنّ السنابلَ ظلّلتْ أبناءهم
مَنّيْتُهم بدمي صباحاً
غير أنّي لَمْ أذكِّرْ ناعستِ الطّرفِ
أنّ سويعةً في باب إربد
خبّأتْ أسماءهم
منّيْتُهم
وتركتُهم
وسحبتُ من بئرٍ مُعطّلةٍ هنا أصداءهم
وهناكَ أبقيتُ الصباحَ مُعطّلا
أمشي إليهِ
يردُّني خَجلا
قالوا: هربتَ وقد جَزِعتَ
فقلتُ: ويح النائمينَ
أما أزاحوا الحلْمَ عن باب الرصاصِ
أما أناخوا للرعاةِ المصبحينَ على الثرى حجلا
قالوا: تركتَ الأرضَ فاختُزِلتْ
لِمَوتٍ قادمٍ
فأجبتُهم: وأدُ القصيدةِ أن يضيع بناؤها
وتعودَ قسراً للخيالِ
إذا خبا نورُ الخيالِ
أقولُ ما ذنبُ القتيل إذا توحّدَ
في مواجهةِ الزمانِ
ولَمْ يحفظهُ من صمت الورى أحدٌ
ولَمْ يجلب لهُ جيرانُهُ جبلا

وهناكَ في بيت العزوبةِ
شفتُ جيراني يؤمّون البنفسجَ
واقفينَ على ظلالي
فاختزلتُ النايَ للرعيانِ
لا قصبٌ من البلد العتيقِ
ولا دمٌ يسترجعِ القلبَ الذي قد أضرِمتُ عضلاتهُ
حزناً على ما فات من ذكرى
تصبُّ بلوحةٍ منسيّةٍ في آخر الملكوتِ
لا ولدٌ ويشبهني هنا
لا حرزَ في الناس الحيارى
كيفَ يستتر الغبارُ من الهواءِ
وقد تركتُ لصاحبي أملا

وهناكَ خيّرني أبي في صلبِهِ
لَمّا تركتُ لصلبِهِ مائي
بأن أختارَ مِمّنْ يزرعون الأرضَ أحفاداً
وينسلخونَ عن صمتِ المدى
ويقننون الزعفرانَ
ويُرهبونَ الريحَ
إن هزّتْ لهم أجلا
وهي الأساطيرُ التي انكشفتْ على رجلٍ
وكان يحيكُ من كلماتها
بحراً غريبَ الوجهِ والموجِ
في آخرِ الدنيا رأيتُ الناسَ ينسحبونَ
من صلواتهمْ
ويدرّبونَ الموتَ من أجلي
ويبتعدون عن شكلي
ويندسّونَ في ملحي وفي نَهْجِي

الغايةُ الأولى كمائنُ لي
ويحترسون من موجي
والغايةُ الأخرى
طواحينٌ لكلِّ قصيدةٍ تنساب عن سرجي
وقد تحتاجني رجلا


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x