سيرة الأشياء



تأتي الحياةُ وحيدةً ليلًا 

لِتُشمِسَ أهلَها 

 

بدتِ الحياةُ غريبةً

والعمرُ مثل سرابهِ قصْدًا، وتعريةً

وشيئًا قابلًا للنقضِ

تلهو في مداخلهِ رسائلُنا التي ضاعتْ

لتهلكَ في بريد الغيبِ

أو تأتي

لِتنقصنا

فتُشمِسُ

أهلَها

بدتِ الحياةُ حزينةً

تنوي النزول عن الرصيفِ

لتكشفَ الأسرارَ عن روح المعادنِ

غير أنَ الأرضَ تشملُ في سريرتها

رؤى الأشجارِ

أو تمحو خطانا حينَ مأثرةٍ

فنقبعُ كالرياحِ على رياش الموتِ

أو نخطو لِننقصَها

فتُشمِسُ أهلَها

 

بدتِ الحياةُ رهينةً لغيابنا

إذ نحنُ في الغاباتِ

نرتقُ ثوبَ هذي الأرضِ

ننسفُ نقصَها

ونمرُّ كالراعي على نُتُفِ الذئابِ

ولا نماري حين نطبعُ سدرة المعنى

على يدها

وننقُصها، لِتنقصَنا

فتُشمِسُ أهلَها

بدتِ الحياةُ كفيفةً

هل نحنُ أميّونَ لا نرعى ذبالتها

إذا انحرفتْ 

ومدَّتْ طفرة الأشياءِ نحو ضلالها

أم نحنُ أميّونَ نستدعي الكتابةَ

كي نخزَّ الشيء في اللاشيء

أو نمشي إلى عقلٍ بليدٍ لا يُفرِّقُ

بين نقصِ الماءِ والرئةِ السرابِ

ولا يجادلُ في تعقُّبها، لينسى أنها

تنسى غوايتنا، وتُشمِسُ أهلَها

 

بدتِ الحياةُ قريبةً مِنْ ليلنا

معنًى يصرُّ على تفتُّحهِ إذا انتبهوا

ونامتْ عن توجُّسها

وأرختْ كلَّ ما في الطينِ مِنْ عِللِ النجاةْ

بدتِ الحياةُ كناقلٍ للطينِ

لكنَّ الحياةْ

وعيٌ بآخرِ رحلةٍ لَمْ تسترحْ يومًا

                        لِتشمِسَ أهلَها 


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x