أحمد الخطيب .. شاعراً

 

أكرم الزعبي
لم يبالِ بالشهرة يوماً، ولم يحفل بها، هو رجلٌ  كيمياءُ الشعر من مكوّنات دمه، يأخذك بابتسامته إلى عوالم مليئةٍ بالحب النقي، ويذهبُ بك في عينيهِ إلى فلسطينَ الأمل، بينما يثبّتك بسُمرتِه في حوران.
لم يبع نفسه في زمن التردّي والتحوّلات، فظلّ مخلصاً لشعره ومبدئه، ولم يسرقه عمله في الصحافة من الاهتمام بمنجزه الشعري والفكري، كما لم تمنعه انشغالاته بالتفاصيل اليوميّةِ عن مواصلة ولعه بالقراءة الورقية حتى في أشدّ الأوقات انشغالا.
عندما يتعلّقُ الأمرُ بالشعر فإنّ أحمد الخطيب لا يهادن ولا يساوم، لأنّه لا يستسهل الشعر ولا الكتابة لسعة أفقه، واتّساع فضاءاته، ورؤيته الفنيّة الظاهرة في كل كتاباته.
شاعر الصورة المكتملة، والموسيقى الدافئة، وصاحب الهامة التي لم تسلّم ناصيتها لسوى خالقها، في زمن الطرب المحتوي على لا موسيقى ولا لحن ولا كلمات
أحمد الخطيب الذي سمّى ديوانه الأخير باسم (حارس المعنى) هو نفسه حارس المعنى، وهو نفسه الذي يرسمُ بالكلمة لوحةً مكتملة الشكل والمعنى، وتتجلّى نزعته الصوفيّةُ (في المفهوم لا في المصطلح) في سلوكه ولوحات قصائده، ويبدو ميّالاً إلى أخذ المتلقّي إلى فضاءاتٍ جديدةٍ للكلمات حينما ينحو بها إلى معانٍ جديدة، إنّه هو هو ... حارسُ المعنى، ودالُّ المريدين إليه، في ثُلّةٍ من الأولين وقليلٍ من الآخرِين.
هذا هو أحمد الخطيب شاعر الصورة المكتملة، والموسيقى الدافئة، وصاحب الهامة التي لم تسلّم ناصيتها لسوى خالقها، في زمن الطرب المحتوي على لا موسيقى ولا لحن ولا كلمات، في زمن الشعر المحتوي على لا معنى ولا هدف ولا رسالة، في زمن مهرجانات الألوان والبجامات، وفي زمن النجومية الفارغة التي تقوم بها مؤسساتٍ تحترف الـ (بروبجندا) بحيثُ يصبحُ كلُّ شيءٍ قابلٌ للتصديق وللإدراج في خانة (المعقول).
هذا هو أحمد الخطيب الذي ظلّ وفيّاً للشعر ولم يبعه ولم يساوم عليه، فظلّ الشعرُ وفيّاً له، منقاداً لقلمه، ومسلّماً نفسه لأوراقه، كلما استدعاه قال له هيت لك.
فهنيئاً له بالشعر وهنيئاً للشعر به.
ألم أقل لكم إنّ كيمياء الشعر من مكوّنات دمه!!
____________
*الكلمة التي ألقيت في افتتاح مهرجان عرار الشعري الرابع دورة الشاعر أحمد الخطيب.
22-9-2014

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x