حرفة الأحزان


أبكيتني يا شجوُ
لَمْ تأنسْ بذاكرةٍ رجعتُ لها
ولَمْ تأخذْ من الناطورِ بعض الوقتِ
كان مُتيّماً برحيل أنثى
خلفَهُ

أبكيتني
وذهبتَ في جوفي
وما لي في الهوى قلبانِ...،
...كنتُ مخالفاً لطيورِ هذي النارِ
صفّاني على مَهَلٍ بُنيُّ
فقلتُ أسرقُ عزفَهُ
قمرٌ هنا
وهناك في شرقِ المنازلِ
نصفُ دارٍ لَمْ أزرْها...،
صعبةٌ طرقي
وجاري يصعدُ السقفَ، انْتَبِهْ
في آخر الخطِّ المشاكسِ طفلةٌ
تحبو
ويأخذُها المُعلِّمُ
لا عصا ترتاحُ في صفٍّ
لتحمي ضعفَهُ

وجدوا على أثرٍ بقايا من رغيف الأرضِ
ربّاني
وعادَ إلى الندى
فبكيتُ
كم وحدي
بكيتُ
ومن يدي نسلتْ لحودَ الأرضِ
حاجةُ هدهدٍ
وأتتْ على ضعفي
لتُسندَ حتفَهُ

في آخر السّمةِ الغريبةِ للبلادِ
رأيتُ ذنباً طائشاً
ذبحاً خفيفاً للمرادِ
رتابةً للريحِ
مِهمازاً لشرقِ السنديانِ
عرائسَ الماضي
ومنشاراً هنا مركونةً في كعبِ هذا الموتِ
لا يا موتُ...لا تأنسْ بذاكرتي
فقد أولانيَ الإيقاعُ ثورتهُ
وأجّلَ سيفَهُ

أبكيتني يا شجوُ
وحدي والصّدى
وغبارُ هذا الرّملِ طوبُ العابرينَ إلى البيوتِ
إضاءةُ الأشجارِ تسترُ في فضاء النومِ
أشكالاً من الهمزِ
اختفاءَ اللونِ في المرآةِ
ديك الفجرِ ينقرُ في الضّحى أبدَ الهواءِ
وحاجة الطّبالِ
قُمْ يا موتُ
لا
والناسُ ينتبهونَ من حُلُمٍ على شرفاتهمْ
والماءُ يصعدُ نحو غيمٍ عابرٍ
قالت: رأيتُ الشمسَ تخطفُ حاجتي...
واها لهذا الحلم يخطفُ نصفَهُ

لَمْ تفتحِ البابَ
اختفى طيرُ الحقيقةِ
جفّ ضرعُ النومِ
قالت: أيْ بُنيَّ
رأيتُ....
قالَ: وجدتُ شرخاً في قميصي
فاسندي قلبي
لأدخلَ في الحوارِ مع الحياةِ
وأشعل المعنى
ليغزلَ طيفَهُ

لَمْ تفتح البابَ
اكتفتْ بضراوة المفتاحِ
لَمْ تسألْ جيوبَ الشّرقِ
عن مطرٍ قديمٍ
كان يفتحُ جبهة الرّعدِ المخاتلِ
صفحة الفجرِ
اكتفتْ بجيوبها
لكنّه الليل الذي يشقى
وخلف الليلِ شيءٌ ما
هنا ضعفي
وجدراني مشقّقةٌ
وأهلي سوّفوا دمعي
وما جفلتْ من المرعى ديوك الريحِ
لكنّي رأيتُ غوايةً تسعى
إلى لحدٍ يجاورُ طائري
واها لهذا الفجرِ
هل يا فجرُ مرَّ العابرون إلى الحكايةِ؟!

يا صباحَ الخيرِ
بابورٌ من الكلماتِ يهدرُ في الطريقِ
وطفلتانِ تحاوران صدى الجمالِ
وناقةٌ موثوقةُ الأعصابِ
سنجابٌ يطاردُ خلسةً
شجراً تعتّق في المرايا
والجهات كأنّها لوحٌ تقصّفَ من يد الرؤيا
ويهرعُ وحدَهُ..
لا ضوء في الثقب العنيدِ لجارةٍ
كانت تعدُّ الشايَ...،
لا دكان مُشْرَعَةً
ليأخذَ من زجاج الريحِ أشياءً
وينقصها على الأطفالِ
لا أبواب يغلقها الصريرُ على يد المعنى
ليهدأ كلما خرقتْ شجونُ الوقتِ ذاكرةً
هنا بيتُ القصيدِ
أتاح للنسيانِ بعض الوقتِ
واسترعى انتباه الناي
فاخترق الجموعَ...،
رأى دماً يمشي ونصفَ غزالةٍ
وقلادةً كانت على قلقٍ تعيشُ حياتها...،
فبكى
ولَمْ يلحقْ بماء القلبِ
حين بنى لهُ لحداً
وغادرَ كفّهُ
ما عاد للبيتِ القديمِ
رأيتُ حالتهُ ويرثيهِ الهواءُ
وأمّهاتُ السّهرةِ الكبرى
ومنديلُ العروسِ
وقصةٌ فتحتْ ذراعيها لشاعرها...،
أنا المبليُّ بالقصصِ المُعتّقةِ الجهاتِ
وكَنْزُ تاريخٍ من الأحزانِ
ليلي قد يضاعف ضِعْفَهُ

صُفّي سرابيل الحكايةِ
لَمْ يغادر صاحبي
فيما أظنُّ
رفاقهُ
أو صفَهُ!!


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x