الكثيرٌ الذي في المتاهة



(1)
الكثيرُ الذي في المتاهةِ
يَحْمي القليلْ
والكثيرُ الذي يَستبدُّ كثيراً بنا
حين سَرْد الحنينِ
ويأوي إليهِ الأبدْ
خائنٌ لا يرى في العُيونِ أحدْ
الكثيرُ الذي في الطَّريقِ
إلى الواحةِ المُقْفَلَةْ
والكثيرُ الذي لا يَجُودُ لنا بالقليلِ
سِوى أنْ نُراهنَ سِرْبَ الطُّيورِ
على ماءِ هذا الجسدْ
خائنٌ، والمتاعُ سُرى أَنْفُسٍ
في ضَياع البلدْ

(2)
كأنِّي اتَّبَعْتُ القصيدةَ في غيّها
حين جاءتْ لِتَكْسِرَ عُشْبَ الخريفِ
وأعلاقَ هذي السُّدودْ
ولَمْ أنتبهْ للنّساءِ اللواتي يُعَلِّقنَ أثداءَهنَّ
على شَارةٍ في الشَّوارعِ
تُغفو إذا مَرَّ صَقْرٌ وحيدْ
كأنِّي أُراوحُ بينَ الجُسورِ
إذا عَفَّ عنّي الزّحامُ
وبينَ الخُطوطِ العَريضةِ، ليلاً
يموتُ الفتى
أوْ نهاراً
ولا شيءَ يبكي سِوى طفلةٍ أَفْزَعوها   
لهذا تَعَلَّقْتُ بالرَّمْزِ
مِنْ عهدِ صالحَ
حتّى تراخى على قلبِ فَجْرٍ
تَعَقَّبَني في ثمودْ
وليلاً أَجُرُّ النَّوايا إلى العَينِ
أصرخُ: يا بَهْجَةً للغوايةِ  لا تكتفي
بالرَّمَدْ

(3)
الكثيرُ العَدَدْ
خائنٌ
حين يَقضي بميزانهِ
أنْ يموتَ الولدْ

(4)
إذنْ
سَوفَ نَبْقى يتامى
إلى أنْ نُصَلّي على أهْبَةِ النَّومِ
مِنْ أجلِ هذا الحَصادِ السَّريعِ
ومِنْ أجلِ أنْ نحتسي
بعضَ ليلٍ قصيرْ
سوفَ نبقى كما نحنُ جِئنا فُرادى
عُرايا مِنَ الحُلْمِ
حتى نُفُوق الحصى
مِنْ سَواقي الصَّلاةِ على كلِّ فَردْ
خائنٌ مَنْ يُطَأْطِىءُ ليلاً
لِبَرْقٍ وَرَعدْ

(5)
لِئلا نُجاري البكاءَ الذي يَنطوي
في القصيدةِ
أوْ نَستردّ لَهُ مِنْ قوافي الرُّعاةِ جراحاً
تُعَسْعِسُ في أوَّلِ الليلِ
حولَ الحوارِ القصيرِ
لأهلِ المَجَرَّةْ!
نحاولُ ضِمْناً تَصاُلح هذي الرؤوسِ
على حين غَرَّةْ!!
ونفتحُ باباً لِتَخرجَ ريحُ السَّمومِ
مِنَ اللازوردْ
خائنٌ مَنْ يُعَكّرُ سِربَ البناتِ الأخيرَ
لِيَرْبَحَ وَردْ

(6)
الكثيرُ إذنْ
شَهوةٌ مِنْ سَرايا الحظيرةِ
حين تُضارعُ قَوسَ انزلاقِ البلادِ
على مَشْهَدٍ لا يُحَدْ
الكثيرُ اجتزاءُ الحقولِ التي لا تُجرِّمُ
قَصْدَاً مرايا الذهولِ
ومعنى التَّسَكُّعِ عندَ النّساءِ اللواتي
يَجِئنَ بكاملِ روحِ الأناقةِ
روحِ التباسِ الحقائقِ
حيثُ التميمةُ مرعى
وحيثُ النّساءُ يَغِبْنَ بعيداً
ليومٍ قَصيرِ القيافةِ
أو مُنتهى ما يُؤمَّلُ غَدْ
خائنٌ مَنْ يُهَيِّجُ هذا اللعابَ
على كلِّ سَردْ

(7)
لِهذا القطارِ محطاتُهُ
وانتظارُ اليؤوسِ على أهْبَةِ بانتظارِ
اليؤوس القَريب من النَّاسِ
قال: أَعِدْني إليَّ
إلى صُورةٍ في مَجازِ الحياةْ
وقبل اكتمالِ المسافةِ ما بيننا
قال لي: لا تُجاري رهانَ الحُظوظِ
ففي قِشْرِة البرتقالِ
قليلٌ مِنَ الغازِ
والصّمْغِ
والأمنياتْ
لِهذا القطارِ الذي كان يمشي
على سكّة الإنتظارِ
حرارةُ هذا الهواءِ على كلِّ خَدْ
خائنٌ مَنْ يُعطِّلُ سَيْلَ اللغاتِ
وينأى بِدَعْدْ!

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x