غيم ويصطادني بالمطر




1- وتر الريح


ضاق بي وترُ الريح
حتى انهزمتُ
وعدتُ إلى الأرض ليلاً
عسى أن أقيم سماءً لها
في الطريق التي وشمتْ شمسَ أبنائها

أنا من هزمتُ خيالَ الكلامِ
وأرّقتُ قلبَ الغيوم على مائهِ
وبسطتُ له طائر الحبِّ يوماً
وفاض بأسبابهِ
إذ نويتُ الحياة بعيداً عن السنديانِ
وسمّيتُ نفْسي بأسمائها 


2- أوّل الشعراء






ليصعدْ أوّلُ الشعراء
بركانَ الحياة
ويجتبي من غيمةٍ حدْسا
ليلمسْ كم هو الحبُّ الذي
بين التراب 
وبين أبناء الحياة
يحيلُ قلبَ الصاعدينَ
إلى الذرى شمْسا.


3- باب الحيطة


أطردُ شارعنا عن مطرٍ محَمومْ
أطردُ ما بقيَ من الموتِ
أمامَ حفيدي المكلومْ
أطردُ طائرةً تسقطُ حين أمدُّ جناحَ الناي
أطردُ قبرةً لا تخضعُ يوماً لرضاي
أطردُ شيئينِ هما: كأسي وأساي
أطردُ من باب الحيطةِ ما اكتنزتْ
نفْسي ويداي
لأظلَّ وفياً
مَهما أبعدني الموتُ وملموم خطاي
لحفيدٍ شبَّ عن الطوقِ
وغادرَ مثواي


4- جناح الندى


السماءُ التي من دخانْ
على بابها حارسانْ
حين جئتُ إلى نجمة الأرضِ
كي أتقي حرَّ هذا الدُّخانْ
نزعا من يدي غيمةَ الحلم، وانسحبا
لأرى الموتَ في السنديانْ

أطوفُ على الأرض
أغمضُ سكانها عن غموضي
لأرجعَ بعد رحيل الصدى
واثقاً من جناح الندى
وأخبُّ على تربة الأرجوانِ
لتملأ بابَ السماء بأحداقنا
السماء التي من دخانْ

أشتهي أن أجبَّ المعاني القديمةَ
عن ساحلي
وأقيم الولاية في الشعرِ
باباً جديداً
... أنا حارسُ الصوت في الناي
حارسُ أورادنا
من تقلِّب هذا الزمان  









5- ماء النسبة


وَلِيَعْقِلَنَّ البحرُ من أمواجهِ حرفاً

لترتفع الحياةُ عن القصيدةْ

مثل باب الغيم من أرضِ الرياشِ
جبالَ أنساب البداوةِ
قلبَ صحراءٍ تزورُ مدارهُ
وليعقلنَّ كما الندى أفراسهُ
في قرية النحل السعيدةْ
وإذا اتَّقى أنفاسَنا
فليعقلنَّ الريحَ تعبرُ من مراياه الجديدةْ!

الموجُ يُرْهنُ مَدَّهُ أو جزرَهُ في منزلي
والشمسُ إن خبّأتها
سترى الوجود كما أراهُ
قد أُودِعُ البحرَ السبيلَ
وإن بكتْ عيني سحابَ عمومتي
سأجدّفُ الأرضَ التي أنبتُّها
وأثير نايَ حكومتي
ليقيم لحنَ جنازة الأشياء في برِّ النشيِدِ
وربما سأقيم حكمتَهُ
لأكشفَ مبتغاهُ!!











6- ماء الصُّور


كان في خطوتي ينشدُ الحبَّ
لكنهُ دائماً 
كان مثلي يطلُّ على جرحهِ
في الحنين إلى الأرضِ
إذ لا جناح لهُ في الحياةِ   
ولا مُسْتَقَرْ


أصوّرُ نفْسي
بأشراطِها في الغرامِ
ولا من نشيدٍ
يؤثِّثُ ألحانهُ في وترْ
يمرُّ الرعاةُ على ظلهِ
بعد نفل الحديثِ
ويمشونَ ليلاً
وقد طاح بالمعسراتِ الأثرْ

يا أنا في الرضاعةِ
عشتَ كما ساعةٍ
وتملّيتَ نفْسك
أكثرَ  مما تملَّيتَ وجه الحياةِ
وأنسيتني كأسَ نفْسي
تفيضُ بماء الصُّورْ

غالباً ما يبوحُ بأسرارهِ
غير أنّ الرياح لهُ في نزولي
إلى الموتِ
غيمٌ
... ويصطادني بالمطرْ


7- ماء مَهيض
 

المرايا اندهاشُ الوجوهِ من المدبراتِ
شعاعُ السِّراجِ
ويعوزني أن أردّ الضحى حين أنمو 
المرايا خطابُ القِرآنِ
إذا اجتمع الضدُّ في ضدّهِ
في مكان الرَّحى
... ويسوحُ إذا كان بين السماءِ
وبين القصيدةِ
ماءٌ مَهيضُ

القصيدةُ في بنية الماءِ وجهٌ من الموجِ
يوماً أجرِّبها بالنداء
إذا غيض قلبُ الصدى في الدفوفِ
وكنَّ إلى نخلةٍ
تحتها نبرُ هذا الشيوع من الكائنات
ولا يستوي فاعلُ الشعر مع نفْسهِ
إذ يعودُ إلى شكلهِ كالحاً من غبارٍ
يقيمُ الرعونة في الممكناتِ
إذا حطَّ في المغرياتِ النقيضُ

الروايةُ نهدٌ من الأخضر الحالبِ الغيم
نهدٌ يهدْهِدُ أسرارنا
والعروجُ إلى قلبها لحمةُ المفرداتِ
وأرضُ الحياة بأشكالها
والجنوحُ إلى غبطةٍ بعدُ لَمْ تكتملْ
والنبيذُ من الفائض الأزليّ اللذيذ
وفتقُ الرماد عن الأغنياتِ الملمّاتِ باللحنِ
خاتمُ موتِ الزمانِ
وموسمُ أيامنا إذ يفيضُ
لا أجيدُ الرمايةَ أكثرَ
مِمّا سترمي الحياةُ على شاعرٍ
أو ستروي الحياةُ على أهلها  
ما تبنّى الكليمُ
المريضُ














8- مفارقة







لِصَّلاتنا
في القلبِ سنبلتانِ تحترسانِ
من وجعي
وأنا أُسلْسِلُ
خلف باب الحبِّ
أدعيةً
لأقرأَ حاجة الموتى معي


9-على كلّ حال


من سماءِ الندى
من سرير الطريقِ إلى فضةٍ ذاهلةْ
كان يهبطُ هذا الحوارُ
ويشهقُ بالناي
حتى يرى ما أرى في خيالي

قال: تسعى إذن
قلتُ: أسعى لضمّ الثرى واحداً
إذ يفيض سؤالي
وأبدي ارتياحاً نديّاً لحالي

قال: يؤنسكَ الحالُ يا سيدي

قلتُ: في لحظةٍ
وأنا أنتشي بالرجوع  إلى الحبِّ
هذا الغمام المثالي

قال: تبكي يميني شمالي
قلتُ: يأتي السكارى
      على باب داري حيارى
      ويصعب أن تجتلي غامضَ الموتِ
إن لَمْ تر الناي مستتراً في نصالي

قال: يكفي لأخلدَ للنومِ
قلتُ: هذا مدى ما أريدُ
       على كلِّ حالِ




 

10- لَمْ أعدَّ الدقائق



لَمْ أنمْ منذ ليل الصدى
وأنا أرقبُ الوردَ وحدي
وأنسجُ عشَّ الطيور من المفرداتِ
ومن عطشٍ في السَّرابِ
ولا ألتقيهِ غدا

لَمْ أنمْ منذ ليل الصدى
وخلفي مرايا ترى ما أرى
من حياة الندى

كان حظي من الأرجوانِ
ينامُ، لأبقى وحيداً
أُمَهِّدُ ما أشتهي من سماءٍ
تحنُّ عليَّ  إذا كَسَرَ الموتُ
كأسَ الخطى

هكذا
ثمَّ أُخلي مكاني لأجل العذارى
وأحسبُ أني بسطتُ لهنَّ المدى
كأسَ نفْسي وشمسي
ولَمْ أنتحل للثرى جسدا

بعد هذا أرى
أنني قد أميطُ اللثامَ عن الشمسِ
أو أنتحي جانباً
كي تمرَّ الظلالُ إلى شكلها
بعد هذا الردى

لَمْ أعدَّ الدقائقَ إلا شهوداً
ولَمْ أجترحْ
من مرايا الصدى أحدا

مرَّ بي صاحبُ الحالِ
بعد اغتراب المقامِ
وما عاجل النومَ في مقلتي
أبدا












11- لَمْ يعد مثلما كان


كان في خلوة الأمرِ
يشرحُ أسبابهُ للمجاذيب
ليلاً طويلا

يستردُّ الخطى من غبار الذنوبِ
ويمنحُها في المساء السبيلا

واحداً
كان في أمرهِ متعباً
من هسيس الرمالِ
خلُوفَ دم
ويخلفها بالصلاة هديلا
كان في خلوة الأمرِ
يشرحُ أسبابهُ للمجاذيب
لكنهُ لَمْ يعدْ مثلما كان
قبل الضحى
واحداً
وقتيلا

هكذا
عاد في داخلي
بعد أنْ لوَّحتهُ السماءُ بِسُمْرَتِها
راضياً
ورسولا 







12- سماء من الأرجوان


سماءٌ من الأرجوانِ
وخبّأتُها
بعد هذا الخطاب من الانفتاح
لتحكمَ أشجارَها

سماءٌ من الأرجوانِ
وجرّبتُها
كي تعيدَ النجومَ إلى الحقل
مثلَ السنابلِ تفردُ أبكارَها

سماءٌ من الأرجوان
وحدَّدتُها
كي يدوم المكانُ
ويزرع حقل الكلام إذا أمَرَ الشمسَ
أن تؤثر الظلَّ عما سواهُ
إذا عَطِشَ الغيمُ
واختاط في القوس أمطارَها

سماءٌ من الأرجوانِ
وعمَّدتُها
كي يعود الرعاةُ إلى تلةٍ
يجهدُ السيلُ أحجارَها

سماءٌ من الأرجوان
وحدَّثتها
أن تعيد إلى الأرضِ أطوارَها

سماءٌ من الأرجوان
ومَهَّدتها
بالغبار
إذا نَبَتَ الخوفُ
ألقتْ على السيف أقدارَها

سماءٌ من الأرجوان
وسرّبتُها
من مرايا الزمانِ
وخبأتها
لأرى غيمة السنديانِ
تحيكُ من الأرض أسرارَها

سماءٌ من الأرجوان
وعجّمتُها
ولا أدّعي بعد هذا الخطابِ
من الانفتاح
بأني سأقرأُ أشعارَها



13- الرجل الآخر


الرجلُ الآخرُ
في الظلِّ الآخرِ من شمس الحكمةِ
كان يمدُّ بنفسجهُ، وينام
وقد أمِنَ الخلوةْ

الرجلُ الآخرُ
في الظلِّ الآخرِ
لَمْ يدخل سرداب العتمةِ
كان يرتِّبُ قنديل الليلِ
لينبه ساقيةَ الأشجارْ
هامَ على وجه الأرضِ
وشقَّ البرزخَ
مات وقوفاً
فارتدتْ آثارُ الناقة في شِقِّ الأرضِ
وسيقَ البيتُ إلى الثورةْ 
ويقال بأنَّ رموشَ الحكمةِ
كانت تسندُهُ
وتراعي حرمتهُ
وتذيبُ على فستان حرارتهِ
ثلجَ الخطوةْ

طُويتْ أقداحٌ
وخيامٌ
وَخَبَا في الظلِّ الآخر حدْسٌ
ونَمَا في الداخل نهاوند الأرضِ
وبركانُ الشهوةْ  

هذا ما جاء به ديوانُ الشعرِ
ولَمْ يُؤنِسْ وحشتنا
في أثر العابرِ
_في الظلِّ الآخر_ نحلُ الأسماءْ
حين تفصَّد بابُ الجلوةْ
عن رجلٍ
كان يمدُّ بنفسجهُ، وينامُ
وقد أمِنَ الخلوةْ













14- بريد التعب


البريدُ الذي كان يمشي
رويداً إلى عشقهِ
ورويداً إلى أن يعيد الغريبَ إلى البيتِ
يومَ يراني النّدى
في الحدائق أسعى مع الأرجوان
كان يوعظ سكانهُ أن يناموا

البريدُ الذي عاد من أصبعي
باتجاه المرايا
أنابَ الصدى أن يحلَّ مكانَ الرسالةِ
حتى يناموا
عليه السلامُ


15- لغة حادثة


مرَّ بي صاحبُ الحال يوماً
إلى خلوةٍ 
والصلاةُ على حالها
مثل أيِّ سؤالٍ تعاطى
دَمَ الكارثةْ
قال تسعى إذن يا خليلي
إلى منتهى ما أردتكَ فيهِ
فَنَمْ
عن نثيثِ اللممْ
... هكذا
مرَّ بي صاحبُ الحال يوماً
إلى لغةٍ حادثةْ


16- نجمة الحب




أسقط الحبُّ نجمتَهُ
في مياهي
ونفْسي تساقط منها
جناحُ كتابي
وأنا
بعدُ لَمْ أغتنمْ
كلَّ
هذي
النصوصِ
إلهي

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x