قلتُ ما يُبكي سيُبكي


                                  (1)

سيكون لي

أنْ أُولَدَ الآنَ مِنَ الجبلِ الذي تخفيهِ

أغنيةٌ قديمةْ

ويكونُ لي ما يشبهُ المرعى الذي

قصدتهُ راعيةٌ يتيمةْ!

وهناكَ أسرفَ ليلُها، والناسُ معنيونَ

بالوجهِ الذي جَلَبَتْهُ مرآةُ سقيمةْ!

الناسُ معنيونَ، قلتُ لعلَّها

عبرتْ إلينا من حقولِ الأمسِ  

واستلقتْ على مَهَلٍ بياتَ ضُحًى

ولَمْ تهضمْ همومهْ!

والناسُ معنيونَ، قلتُ

لعلَّها انتبهتْ إلى حِلَقِ الطيورِ

وكنتُ أبعدَ من رَصاصتها

استدرتُ إلى الرصاصةِ قبل أن أمضي

إلى يدها الجريحةِ

قلتُ ما يُبكي سيُبكي

هل هي الآن استجارتْ بالرصاصِ

أم الرصاصُ على الحقيقةِ

كان يمشي في غلوِّ الانكسارْ؟!! 

 

في البيتِ لَمْ تأنسْ بأغنيةِ الطفولةِ

لَمْ تشاهدْ وردةَ الكحلِ على ساقِ البنفسجِ

وهي تنشُجُ بالسؤالِ، مَنِ الذي في الليلِ

أربكَ حلْمَها؟

كانتْ تُداعبُ قطَّةً رعويَّةً

والعيدُ كان سياجَ أغنيتينِ

زهراً قابلاً للعافيةْ!

وأنا

رفعتُ

قصيدتي

بالقافيةْ!

 

هل هكذا استلقتْ؟!

أظنُّ قصدتُ راعيةً يتيمةْ

وقصدتُ نايَ الناسِ في بيتِ المجازِ

نفختُ بالمعنى

لأنسى سيرةَ الطللِ البعيدِ مِنَ الخيامِ

وكنتُ وحدي في الحروبِ، شهيدَها

وولِدتُ مِنْ قصفٍ كثيفٍ، هكذا المغزى

ولَمْ أولَدْ على جسرِ المدينةِ

سوف تأتي بعد أغنيتينِ

أو بعدَ انحسار رَصاصَتينِ مِنَ القبيلةِ

لَمْ أمارسْ بعضَ ولْدَنتي

ولَمْ أُولَدْ

ولَمْ  أمرَضْ

وقال ليَ الغبارْ!

الهالكونَ على الحقيقةِ

طُغمةٌ تمضي

إلى غدها

ونهرٌ فائضٌ بالصمتِ

بابي مغلقٌ، والناسُ

والرئةُ السليمةْ!!

 

وعلى المدينةِ أنْ تبادرَ بالنزولِ

إلى الشوارعِ، لا  إلى المقهى، ولكنْ

للخروج على الحصارِ

إذا تفتَّحَ زهرُ أشجارٍ عظيمةْ!

وعلى المدينةِ أنْ تغادرَ ليلَها

لتمرَّ راعيةُ الحياةِ إلى الخيالِ

وهل بدا جبلٌ بجانبِها يخفُّ

كما تخفُّ الريح والأُمَمُ اللئيمةْ!

هيَ طفلةُ الزمنِ المؤزَّرِ في ميادينِ الحروبِ

وجلسةٌ لذكورةٍ في الليلِ

لَمْ تهنأْ بوردتها الأخيرةِ في الحديقةِ

إذْ رأتْ شبحاً مِنَ الأحلامِ مكويَّاً

بماء الصمتِ

أينَ الحالِمُ العربيُّ 

أينَ تميمةُ المغزى إذا  نسجتْ نهايتها

بلادٌ خدَّروها

بالحكاياتِ العقيمةْ؟!

 

هي سورةُ النسيانِ تحت القصفِ

أغروها بناي الحزنِ، فانسحبتْ

ولَمْ ترسمْ ثيابَ الخوفِ إيذاناً بترحيلِ الهواءِ

إلى قوافي البحر، هل للبحرِ أجوبةٌ

لهذا الملحِ؟!

لَمْ تُنْجِزْ حياكةَ صبرها في البردِ

أسقطها الردى ليلاً  بأسلحةٍ قديمةْ!

ستكون لي

وطناً، وناياً للمراعي

أينما فرشتْ جديلتَها القبيلةُ

واستجارتْ بالعراءِ الحرِّ

لا تأخذ بمنقارِ الصقورِ إلى الحمامِ

فقد تعرَّقَ  تحت عزفِ القلبِ

قالت طفلةٌ غجريةٌ في الفجرِ

واختارتْ رسومهْ!

 

هل ينبني هذا على وترٍ تأخَّرَ بالنموِ

على ذيول الخيلِ، إذ قصدَ الخليلُ سكونهُ

حتى إذا ما أُملِحَ الجريُ العزوفُ

عن الوصولِ تكسَّرْ؟!

هيَ لحظةُ النزقِ المُيسَّرْ

مَولِدُ الأسماءِ تحت هديرِ طائرةٍ رجيمةْ!

 

وأنا أزوِّجُ طفلتي لحنينها

وأمرُّ نحو بلاغةٍ رعويةٍ للياسمينِ

هنالك النصُّ المُفسَّرْ!

هل ينبني المعنى على غير اتجاهٍ؟!، قلتُ

للتكسير تخذلُك القوافي مرّةً

حتى  إذا نزعتْكَ عن يدها سماءُ الأرضِ

فاعلَمْ أنَّها تضحى

ويضحى كاشفاً ليلي

نجومهْ!!  

 

ولَدٌ رآها تحت أشجارٍ

تقصُّ على الطيور حكايةَ الطوفانِ

كيف الماءُ كان منزَّهاً عن لعبة النسيانِ

فاختارَ الوصولَ إلى سحابتهِ

ليلبسَها غيومهْ!

 

هيَ لَمْ تضارعْ رقصة الحنّاء

في عرس الغريبةِ

أقبلَ الشُّعراءُ منفيينَ مِنْ أصقاعهم

ناموا، فأقبلَ حارسُ الإيقاعِ

نحو سِلالِ مَرْويَّاتهِ

بددَ انقشاعِ الظلِّ، يجترحونَ ما قفَّى

وما فركتْهُ أخيلةٌ على باب الحكايةِ

هل تظنونَ الزمانَ إذا تبدَّدَ

لنْ يميزَ نديمهْ؟!    

هوَ حارسُ الأورادِ

مالَ على النساء المترفاتِ هوًى

ولَمْ يعصرْ كرومهْ!

 

النصُّ يبرُدُ حين تنطلقُ الوصايا

والنساءُ إلى طريقٍ واضحةْ!

والنصُ يبدأ بالرحيلِ إلى دوالِ الناس

في الباراتِ، إذ يشكونَ مِنْ قلقِ العيونِ

كأنَّ هذا مِربط الأنواءِ

لا تنسجْ ثيابكَ مِنْ توالي الفتقِ

ليس الرتقُ أكثرَ قوةٍ مِنْ نارِ 

راعيةٍ عليمةْ!

 

ما قلتُ شيئاً

بعدُ عن أسرار أغنيتي القديمةْ!

عن سيرةِ البنتِ التي هجرتْ قناعي

واستدارتْ نحو غايتها الأخيرةِ 

يومَ الغفلةِ الكبرى

ويومَ تمرَّسَ الصبيانُ بالركضِ السريعِ

على بساطِ الأرضِ، وامتنعوا

عن اللاوعي

واحتفلوا بمائدة البكاءِ

كأنَّ شيئاً ما

ويقلعُ عن خفوتِ الناي

كانوا مثقلينَ مرارةً، فاستأنسوا

ما كان يدنو في البياتِ مِنَ الحقيقةِ

واحدٌ يرعى رجومهْ!

وتركتُ فيها ما ترى

هل ما ترى، مثلاً، رياحَ الناسِ

تهجرُ خربةً مَهجورةً

كانت لنا في واقع الأيامِ ملهاةً

لنعبر مترفينَ حدائق الماضي

ونبتةَ شاعرٍ نبذَ الصراعَ

وراح يستهدي بموطنهِ النساءَ

كأنَّ مفتاحَ الغبار 

يبيحُ للمغزى غريمهْ!

 

جاءتْ بفتنتها إلى كهفي

ولَمْ تشرحْ رقادَ العنكبوتِ

روايتي مجروحةٌ، لكنَّ نقشَ السَّيلِ في الأعلى

تأثَّرَ بالدموعِ، ولَمْ يثِبْ مِنْ جرحهِ أحدٌ

يطاردُ في الجبالِ تناسلَ الأطيارِ

هل شرحوا  لهُ عن قوَّةِ الأشجارِ

أمْ وردوا حقول الأمسِ

واختاروا خصومهْ؟!

جاءت، فأبلغني الزمانُ نعيمهْ!!

 

عبرتْ

وكان الخوفُ يجرحُ وردةً شوكِيَّةَ الإيقاعِ

هاجسُها الوحيدُ تنافر الأسماءِ

فرْطُ  الكائناتِ بغابةِ الإمكانِ

هل تقوى على تفعيلِ قافيةٍ كريمهْ؟!

 

ولها الحيادُ ببهجةِ الأعراسِ

تحييدُ الفخاخِ عن المراعي

وهيَ تذوي تحت عصفِ الجاذبيةِ

فوق نهر الخوفِ

لَمْ تسلَمْ مدينتُها الأثيرةُ

لَم تخضْ يوماً سجالاً مع سيولةِ لونها الحنطيِّ

باءتْ بالرجوع

كأنها محظيَّتي في ليلِ غربتها

فقلتُ لها: إذا لَمْ تعثري يا بنتُ

في نهر السحابِ على بريق النائمينَ

فلا تضارعكِ الهمومُ، فأضلعي

وطنٌ

وأيامي حميمةْ!

 

الليلُ ملتِسٌ على أرجائهِ

والماءُ ترفعُهُ الأيائلِ

ليس مِنْ منفى قصيرٍ  يَنبني في ظلّ امرأةٍ

ونحن على الحقيقةِ شاردانِ

وشاعرٌ أضحى على إيقاعهِ وتراً

لأغنيةٍ قديمةْ

هل

قلتُ

راعيةٌ  

يتيمةْ؟!

 

تعليق واحد

  1. رائع
حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x