تجربة الشاعر أحمد الخطيب في “منتدى الرواد الكبار”

تجربة الشاعر أحمد الخطيب في “منتدى الرواد الكبار”



 في إطار برنامج منتدى الرواد الكبار (مبدع وتجربة) أحتفي بتجربة الشاعر أحمد الخطيب، بمشاركة د. مهند ساري ناقدا، والشاعر عبدالله رضوان مديرا للندوة، وذلك  مساء أمس الثلاثاء 7 شباط الجاري.
هيفاء البشير  رئيسة المنتدى قالت  في كلمتها مساءً طيباً لكم ولكُّن في هذا النشاط الذي تفتتح فيه باكورة أنشطتنا الأدبية لهذا العام، حيث نستضيف الأديب الشاعر الأستاذ أحمد الخطيب ، وبمشاركة الشاعر الناقد الدكتور مهند ساري ، وَمُبدِعَينا هذا المساء من مدينة إربد التي سنسعد خلال الشهر القادم بتخصيص يوم لها ضمن برنامجنا (ذاكرة مكان)  وبمشاركة نخبة متميزة من مثقفي إربد ورجالاتها ونسائها ، فمرحباً بكم وبكن جميعاً.
السيدات والسادة
لقد آثرنا هذا العام أن نخطو خطوةً إلى الأمام في إعداد برنامجنا الثقافي سواء عبر التخطيط طويل الأمد نسبياً ، أو حول تعدد مفردات البرنامج ، ولذا فقد قمنا بتجهيز برنامج الفصل الأول للعام الحالي حتى نهاية شهر نيسان القادم ، لإعطاء فرصة الاختيار والحضور لمن يرغب ليكون برنامجنا ضمن البرنامج الشخصي للأعضاء والعضوات ، والأصدقاء والصديقات ومنذ فترة مقبولة ، كما قمنا بتنويع الأنشطة بين إبداعية وصحية وفكرية وسينمائية ، إضافة إلى (ذاكرة مكان وذاكرة إنسان) وذلك بغية تقديم برنامج ثقافي شامل يليق بكم وبنا ، كما ونعِّد حالياً برنامجاً اجتماعياً ، إضافة إلى عدد من المشاريع التطبيقية / التدريبية التي نتطلع إلى تقديمها بالتعاون مع عدد من المؤسسات ، ليكون المنتدى بذلك واحة حرية وديموقراطية ومكاناً لأنشطة متنوعة ومتميزة ، ليليق بكم وبنا معاً ، ليحافظ على دوره التنويري والريادي .
السيدات والسادة :
وفي الختام ، أكدت على ترحيبها  الحار باسمها  وباسم هيئة إدارة جمعية الأسرة البيضاء/ منتدى الرواد الكبار بمبدعينا الكبيرَين ، متطلعة إلى أمسية جميلة ورائقة .
وقدم مهند ساري ورقة نقدية طويلة حول تجربة الشاعر أحمد الخطيب، ووما جاء فيها
لعل أسوأ ما يمكن ان يقال هنا وأكثر راحة من عبء النقد والفهم ايضا ان نكتفي بتوصيف شعر احمد الخطيب بالغموض، ولست معنيا في هذه الكلمة بالتنظير النقدي الشائع لمصطلح “الغموض” بقدر ما أنا معني بفض إشكاليته العتيدة في شعر أحمد… إن ما يزيد عن سبعين بالمائة من تجربة “الخطيب الشعرية، تنتمي بدرجة او بأخرى إلى هذا النمط من الكتابة الملتفتة/ الشارحة. وتجربته في هذا الصدد تبدو مختلفة جذريا عن غيره من الشعراء.
ووجود هذا الموضوع في شعره بوفرة لافتة للنظر تعدى حدود الوجود الموضوعي، إلى أن أصبح سمة رؤيوية وأسلوبية طاغية على كتابته.
وهذا الإصرار  الشجاع على على التحديق في سطح المرآة –حين يكون الشعر في درجة الصفر ذاتا منفصلة، ومادة اولية قبل ان ينطبع عليها وفيها موضوعها- يقضي بوجود بنية واحدة أم وكلية شديدة الخفاء لفرط تجليها.
علينا ان نعي الفارق بين طبيعة غموض الكتابة الليلية كما هي عند احمد الخطيب وطبيعة الغموض الموجود في تجارب شعرية أخرى… وقد اختار احمد الخطيب حداثته الخاصة ضمن التوجه الأخير  للنظريات النقدية الحديثة، ولكنه ضيق  الدائرة لتتسع الرؤية.
أقول له أنت سيد الكتابة الليلية في المشهد الشعري العربي المعاصر بل منازع فلا تخجل، ولا تتواضع، ولا تتكبر، وأجلس في صدر حضرة الجلس.

السيرة الذاتية لمهند ساري

تاريخ الميلاد: 7-3-1968
مكان الولادة : إربد -الأردن
/
دأ بنشر قصائده منذ عام 1987 م في الملاحق الثقافيّة
للصحف المحليّة : الرّأي ,الدستور , صوت الشّعب
و في المجلات و الدوريات المحليّة و العربيّة .
الأعمال الأدبية :
صدر له : ديوان شعري ” عند أمس الحديقة
وهي قصائد كُتبتْ بين عامي 1998م – 2002 م
و صدر عن أكاديمية الشّعر التّابعة لهيئة أبوظبي للثّقافة والتراث2011 م
-دواوين شعرية مخطوطة تحت الطبع:
1. ”
أُخضورة بيتية ” 1993 م و هو ديوان شعري مخطوط
على شكل قصيدة واحدة طويلة من 400 صفحة .
2. “حديقة أمّي ” ديوان بقصيدة واحدة طويلة 300 صفحة 1995م.
3. ” كما لو أنه بي ملل .. أو أنها مهوى حياتي كلّها ” 1996 م.
4. ديوان شعري مخطوط ” كتاب موتي وموته ” 2000 م .
5. ديوان شعري مخطوط ” هنا قُرب دارتها و ندى جُلْجُلِ ” 2003 م .
6. ديوان شعري مخطوط ” أريدُ لِأنسى ” 2005 م .
7. “أعيش بالبَلَل القليل ” 2010 م .
8. كتاب مخطوط في التصوف الإسلامي بعنوان
بَرْقَمَةُ البلبل، نسخةُ من غاب عن الحرف” 2002 م.
و هو عبارة عن إشارات ذوقية صوفية في علوم الحقائق.
* عاش طفولته و درس المرحلة الأولى بين الأردن و ألمانيا حيثُ كانت تقيم العائلة .
* حصل على درجة البكالوريوس في اللّغة العربية وآدابها، جامعة اليرموك، 1995م.
* حصل على درجة الماجستير بإمتياز في الأدب الجاهلي،
جامعة اليرموك، 2000 م و كان عنوان الرسالة :
المديح في الشعر الجاهلي :المفضليات والأصمعيات أنموذجاً
* شهادة الدكتوراه في الشعر الجاهلي
عنوان الأطروحة : “الرموز المتوارية في مشهد الأطلال , وتجلياتها
في الشعر الجاهلي” جامعة اليرموك / على وشك المناقشة بإذن الله .
* عضو رابطة الكتّاب الأردنيين منذ عام 1990.
* عضو الإتحاد العام للأدباء و الكتّاب العرب .
* نشر مجموعة من القصائد في صحف ومجلات أُردنية وعربية.
* عمل عضواً غير متفرّغ في الهيئة التدريسيّة في جامعة فيلادلفيا / الأردن /قسم اللغة العربية 2002 م .
* عمل عضواً غير متفرغ في الهيئة التدريسيّة لقسم اللّغات في الجامعة الأردنية2003م .
* عمل لفترة بمجال التدريس و تركه ليتفرغ للكتابة و البحث العلمي .
* حصل على لقب شاعر الجامعة *جامعة اليرموك عام 1993 م
* لقب شاعر العام 2008 م / استفتاء تجمّع شعراء بلا حدود .
* لقب شاعر العام 2009 م / على التّوالي في استفتاء
تجمّع شعراء بلا حدود .
* حصل على المرتبة الرابعة في النسخة الثانية من مسابقة
أمـيـر الـشّـعــراء , النسخة الثّانية 2008 م .أبو ظبي .
* شارك عدة مرات بقراءات شعرية في مهرجان جرش للثقافة والفنون .
*شارك بمهرجان موريتانيا الشعري الأول 2008 م .
*أقام عشرات الأمسيات الشعرية في الأردن .
* أقيمت له أمسية تكريمية ببيت عرار للإحتفاء بديوانه “عند أمس الحديقة
و شارك بها شعراء و نقاد بشهادات إبداعية و دراسات نقدية عن الشّاعر
و ديوانه ..
* شارك بمهرجان عرار الشعري غير مرّة .
*شارك بمهرجان شطنا للقمح و الزيتون 2009 , 2011 م .
* كرّمته و احتفت به العديد من الملتقيات و المراكز الثقافيّة و الإبداعية
و كان ضيف شرف بالعديد منها .
و استضافته بحوارات بعض القنوات التلفزيونية والإذاعات والصحف والمواقع على الإنترنت .

السيرة الذاتية للشاعر أحمد الخطيب
مواليد مخيم إربد / الأردن / 1959م، يعمل مندوباً ثقافيا لجريدة الرأي في محافظة إربد
مؤلفات الشاعر
1) أصابع ضالعة في الانتشار/ دار الفارابي بيروت1985م
2) حاجز الصوت/ دار الكندي عام 1990م،
3) أنثى الريح/ دار قدسية عام 1991م،
4) اللهاث القتيل/ دار الينابيع عام 1993م،
5) مرايا الضرير/ وزارة الثقافة عام 1994م،
6) لا يقل الكلام/ مؤسسة روعة عام 1996م،
7) باب القطين/ مؤسسة روعة عام 1996م،
8) الحِجْر الضيّق/ رواية شعرية مؤسسة روعة عام 1996م،
9) أرى أنه ليس في حلمه/ مؤسسة روعة عام 1998م،
10) عليك بمائي/ وزارة الثقافة، المؤسسة العربية للنشر بيروت عام 1999م
11) أيامه الأسبوع يكتب شمس غايته/ اتحاد الكتاب العرب عام 2001م،
12) رفعتُ خيالي إلى سكرتي/ وزارة الثقافة، دار الكرمل عام 2002م،
13) أيها الغيم يا صاحبي في المسيرة ” مختارات شعرية “/أمانة عمان الكبرى عام 2002م
14) مجلد الأعمال الشعرية/ دار الجنان عام 2005م،
15) أحوال الكتابة/ أمانة عمان الكبرى، عام2004م،
16) باتجاه قصيدة أخرى/ وزارة الثقافة عام 2006م،
17) وما زلتُ أمشي/ اتحاد الكتاب العرب عام 2006م،
18) حُمّى في جسد البحر/ أمانة عمان الكبرى، دار اليازوري عام 2007م.
19) لا تقل للموت خذ ما شئت من وقت إضافي/ وزارة الثقافة / دار الجنان عام 2009م
20) كأني لست من حرسي / دار ليجوند / الجزائر /2011م


قصائد الشاعر أحمد الخطيب في أمسية الرواد الكبار
كأنّي سأجتزئُ الآنَ
من كلِّ ديوانِ شعرٍ كلاماً قديماً مُقفّى
من الريح أنثى
ومن بائع الوردِ نحلاً حميماً
ومن سلّة الذكرياتِ منازلَ إرثٍ قديمٍ
كأنّي سأطلقُ صيدي الثمينَ إلى أوّل الذكرياتِ
وأمشي إلى آخر البئرِ، أحجزُ ما كان لي
من خيوطٍ هناكَ
وأسفحُ منفى
وأرسمُ فوق الفضاءِ المُذهّبِ جسراً عتيق المفاصلِ
أمشي إلى آخر العمر، حتى
إذا زاول الشمسَ كفُّ المغيبِ
أعدتُ العقاربَ نحو الوراءِ،
وعاينتُ ريح القصائدِ
صفّاً فصفا
(1)
قصفٌ
ودمارٌ
وبيوتْ
هل أُجْمِلُ قصتنا، وأموتْ ؟
أم أكتبُ فوق الساحلِ، هذا
ما جاء بهِ سِفْرُ الطاغوتْ
أم أتحاشى
أن أذكرَ أنّ الراعي منذ زمانٍ
نام على تحنيط الناسِ
أمام التابوتْ
(2)
لم ينطو البحر يوماً
على لؤلؤٍ نام في صحن هذا الفلكْ
فاهدئي يا بيوت السّمكْ
البيوتُ القديمةُ نهرٌ ومجرى
وأوّلُ طفلٍ سقى نفْسَهُ
من عيون التنكْ
والبيوتُ الجديدةُ أمرٌ ونهيٌ
وطينٌ هلكْ
(3)
النهارُ الذي مَلَكَ العشبَ والرملَ
واختارَ كيفَ يؤثِّثَ خطوي
رأيتُ له حاجبينِ يشفّانِ عن قصّةٍ
في كتاب جريحْ
النهارُ الذي شوّهتْهُ الخطى
بالدخول إلى عتمةٍ
كان مثلي ينامُ
على غير ما ينطوي
…/ في كلامٍ فصيحْ
قلتُ للماء: كنْ في وضوءِ الحيارى
لهُ واضحاً
وانتصرْ للزمنْ
واخطف العشبَ من حلْمهِ
وانثر الرملَ عن صاحبي،
ثمّ لا تأخذ الأرضَ في نزهةٍ
فاستجابَ لبوحي،
وغادر شكلي الذبيح
وعاد إلى بيتهِ بعد أن وسّدوني الكفنْ
كيفَ يا موتُ قل لي إذن ؟
سوف تمشي الحياةُ إلى جثةٍ
لا تُريحُ
ولا تستريح !!
(4)
الأوّلُ في الصفِّ ذكيٌّ
ويرابطُ كلَّ صباحٍ عند سياج النّبوتْ
البرجُ الشمسيُّ الواقعُ بين السّرطانِ
وبين الحوتْ
يتفتّحُ مثلَ الوردةِ،
حتى أنَّ الحارسَ قالَ رأيتُ الأخضرَ
يمشي في خفرٍ ويموتْ
الأوّلُ في الصفِّ ذكيٌّ،
ويقالُ ذكيٌّ وصموتْ
تعشى عيناهُ إذا بَرَدَ المعنى قدّام التابوت
هل كان الأوّلُ في الصفِّ ذكيّاً مثلي
حين ترجّل عن شهوتهِ
في سردِ الياقوتْ ؟
(5)
حين تقولُ أتيتُكَ
أفتحُ نافذتي للنهاوند
هل أُجْمِلُ بعضَ مرارة نفسي؟
فأنا أوّلُ قيثارٍ خافَ على لحن سمرقندْ
وأنا أوّلُ من أودعَ سرَّ الماء بها، وتغنّى
يا جمرةَ روحي
أمّا بعدْ
نَفَشَ الطاعونُ بها
والراعي
ما زالَ يضاجعُ في الليمونِ مرارتهُ
ويبيعُ الوردْ!
(5)
الهاتفُ رنَّ كثيراً،
وأنا مشغولٌ بذويكْ
الغرفةُ لا سقف لها
والجارُ كثيراً ما يفتحُ منزلهُ لذويكْ
يبدأ فجرُ نهارِكَ
من حَنْجرة الديك
أنتَ كما أنتَ
وما زلتَ تشي بالصّيدِ إلى الصّيادْ
وتمارسُ أفعالَ أبيك
أمنحُكَ الآنَ دقائقَ معدوداتٍ
لتعودَ إليَّ كما كنتَ
لأحميكْ
(6)
شيءٌ من الذكرى
يُذكِّرني بألفِ قصيدةٍ
ذكَّرتها بالريحِ، فاهتزَّ المُذكَّرُ والمُؤنّثُّ،
حيثُ طارَ الماءُ بالإيقاعِ، وانتصرَ الحديثُ،
فقلتُ للنسيانِ لا تذكرْ غرائبنا،
فقد آوى الصّديقُ إلى التذكُّرِ
حين صرَّ الأرجوانُ أنوثةَ المعنى،
ورقَّ لحاجتي ليلا
شيءٌ من الذكرى
لعلَّ فقاعةَ الصّابونِ
تذكرُ كلَّ خيطٍ صار في
كفِّ المدى خيلا
ولعلّني سأمرِّرُ الغيمَ الطريدَ من الكتابةِ
يستوي مع غفلتي،
وأجرُّ في أفقِ الندى سهلا
ولعلَّهُ يمضي إلى الماضي،
وينسخُ للحكايةِ حاضراً لَزِجَاً،
يَقُدُّ من الكتابةِ سفحَ هذا الأرجوانِ
ويفتقُ الماضي
إذا دخلَ الصّديقُ إلى التذكُّرِ
وحدهُ من غفلةٍ طفلا
شيءٌ من الذكرى
وأذكرُ أنَّ للإنسانِ
شيءٌ في الذكورةِ والأنوثةِ،
ينمحي جهلا
(7)
رنَّ الهاتفُ في الليلِ ثلاثاً،
فانتبه البيتُ
قالت أمّي: هذا أخوكَ،
فقلتُ: أخي لا يقرصُ خدَّ الهاتفِ في الليلِ،
فقالت: هذا أبوكَ،
فقلتُ: أبي يحمل مفتاح الشارعِ
قالت: هذا ابنكَ،
قلتُ: لديَّ ثلاثة أبناءٍ،
قالت: هذا العصفُ إذن،
قلتُ لها: هذا الصمتُ يمازحُهُ في الليلِ الموتُ
رنَّ الهاتفُ في العصر ثلاثاً،
فانتبهتْ أمّي،
فبكيتُ
وبكيتُ على جمرِ تحسُّرها،
ونزلتُ إلى ظلٍّ في الماءِ قتيلاً،
وعرفتُ
بأنّي كنتُ أنا،
لكنْ أخّرَني الموتُ
في المغربِ صَمَتَ الهاتفُ
فاعتمرتْ أمّي صورتيَ الأولى،
وبكتْ،
وبكى في الظلِّ أخي،
وأبي كوّمَ أبنائي في ظلِّ عباءتهِ،
وبكى،
فاشتعلَ البيتُ
بعدَ ثلاثة أيامٍ أبصرتُ شهيداً آخرَ
في صحن البيتِ،
فقال الماءُ هوَ الوقتُ
(8)
في الشارعِ تلعبُ بالأحجارِ
وتقفزُ كالأرنبِ
تختلسُ البؤبؤ مثلي،
…/ وتنادي ماما
في الشارع كلُّ إناث الحارةِ يكتبنَ رسائلَ عن ولدٍ
يقفزُ من شرفتهِ كالعصفورْ
ويدورْ…/
في الشارعِ
سحبَ الوجدُ عباءتهُ،
والطفلةُ ما زالتْ تختلسُ البؤبؤ مثلي،
…/ وتنادي ماما
في الشارعِ
خَفَرتْهُ بسحر تمائمها،
فتظاهرَ بالرّكضِ إلى البخورْ
في الشارع قفزَ العصفورْ
هَجَرَ الشعرَ،
ونام على بحرٍ مسعورْ
والطفلةُ ما زالتْ تقفزُ كالأرنبِ،
تختلسُ البؤبؤ مثلي،
…/ وتنادي ماما
وَقَعَ المحظورْ
(9)
قمرٌ على الشرفةْ
انكسارٌ في المرايا
وانزلاقُ الثلج عن سقف البيوتْ
هوَ زادُكَ الأولى لأن ترقى
السّلالم كي تموتْ
قمرٌ من الصّدفةْ
انحباسُ في العطايا
واندهاشُ الموج في بحرٍ من الياقوتْ
هوَ زادُكَ الأولى لأن تبقى
وحيداً في مواجهةٍ مع الحانوتْ
قمرٌ على الضفّة
انشطارٌ في الزوايا
واختلاجُ العمرِ في دورانِ حوتْ
هوَ زادُكَ الأنقى أمام العنكبوتْ
قمرٌ وحيدٌ خارج الغرفةْ
التياعُ السّردِ في حرفٍ من الجبروتْ
هوَ موجُكَ العالي على التابوتْ
(10)
رجلانِ عند البابِ يختصمانِ،
أبحثُ عن لزومِ الصمتِ في المقهى
وأشربُ
كم سأشربُ ؟
كم سأدفعُ ؟
كم سأروي للسكارى:
يا سكارى قصّتي وطني
رجلان عند الموتِ يختصمانِ
في كفني
فأطلقُ واحداً نحو القصيدةِ:
كُن إذنْ شجني
وأطلقُ في فضاء القبرِ آخرَ:
كُنْ إذن يا صاحبي ما شئتَ،
لكنْ لا تخنْ وطني
(11)
في زاغرب
حيثُ الأنثى أنثى
كان صديقي يعشقُ بالمقلوبْ
قلتُ لهُ ذات فضاءٍ: احذرْ
الماءُ هنا وَقْعُ الخيلِ على الدانوبْ
قال: تذكّرْ
عشتُ الهربَ كثيراً
في ستةٍ أيامٍ،
خلعتها من رقبةِ حُزني امرأةٌ
صاحتْ: من مِنّا المغلوب ؟
في ستةٍ أيامٍ قَصُرَ الماءُ عليها
و تراخى الغيمُ على ميلان الكفِّ،
رأيتُ امرأةً أخرى تسترقُ النظرَ إلى الجسر المعطوبْ
في ستةِ أيام،
وتطالبُني
أن أنسى نفْسي،
وأداري غفلتها، وأتوبْ
يا هذا أحتاجُ بأن أمشي فوق الماءِ
فقلتُ لهُ: ضَعُفَ الطالبُ والمطلوبْ
(13)
في الزرقةِ شيءٌ ما
أذكرُهُ،
أذكرُ شيئاً آخرَ علّقهُ الوالدُ
فوق الصّدرِ،
وقال: بُنيَّ إذا شغلتْكَ الريحُ
فلا تبكي،
و… بكيتْ
أذكرهُ
أمّي أيضاً قالت لي: إن عبرَ الساحلُ لغة الريحِ
فلا تخرج من صحن البيتْ
بينهما جلس الطفلُ،
وشيءٌ أزرقُ تحت قميصِ المعنى
أذكرهُ،
وأذكِّرُ نفْسي
قلتُ لعلَّ يدي تنظرُ
أو تعبرُ في هيْتَ وليتْ!!
شيءٌ أزرقُ
جنيُّ العينِ تدلّى كالطائرةِ الورقيّةِ
حين طغى رأسي في كأسي ذات ضُحى
فقرأتُ المفردة الأولى
قلتُ لشيءٍ أزرقَ في العنقِ
ويُمحى
منْ وضع التعويذةَ في كأس الزيتْ ؟!
(13)
خرجَ القطارُ عن الحديدِ،
وطاحَ بالإسمنتْ
خرجَ القطارُ،
وغاب وعيُ الناسِ عن حُلُمٍ بناهُ البيتْ
خرج القطارُ،
ومات كلُّ الخارجين إلى الحياةْ
وبقيتَ أنتْ
(12)
وهنا من الشعراءِ
ما قد يجعل الإنسانَ ورديّا
رمزٌ يحيطُ بمنجمِ الذكرى
وقلبٌ من ذَهَبْ
فتحَ المنازلَ بعد لأيِ الروحِ
واختارَ البنفسجَ من حصاةٍ تجعل المعنى رضيّا
وهنا من اللغةِ اللطيفةِ
ما يكونُ مؤهّلاً لقراءةٍ أخرى
لفاتحةِ القصبْ
وهنا الغزالةُ لا تقيمُ خيالَها فتحاً قصيّا
ليظلَّ بحرُ الصّوفِ وافرُهُ نقيّا
بأبي أنا
وخطابُ أمي
أينَ ما طوّفتُ قالتْ:
أيْ بُنيَّ رعاكَ
من أعطاكَ في الكلماتِ إيقاعاً زكيّا
وبلغتُ عتيّا
ونهرتُ من الداخلَ ما يوهنُ قلبي
وتركتُ لسيّدة الشعرِ منازلَها
وركنتُ قصيّا
فاقتنصَ الشعرُ دماً من خالص صلصالي
وبلغتُ مُسمّى الريحِ،
وكنتُ صبيّا
أجملَ ما كنتُ كتبتُ من المعنى،
وَهَنَ الشارعُ تحت حصاة الريحِ من المبنى
فرقمتُ الماءَ بهِ،
وقفلَتُ إلى امرأةٍ
أحصنتِ الجسمَ فصار شهيّا
في البشرى
يصبحُ هذا الكائنُ مرضيّا
ويموتُ
ويحيا
وسلامٌ من ملكوتِ الماءِ عليهِ
يموتُ
ويحيا
ويعودُ فتيّا
(1)
الشاعرُ لم ينهِ كلامَهْ
خرجَ الجمهورُ من القاعةِ
مزدحماً بدبابيس فتنْ
قال: إذن
أُنهي الصورةَ وحدي،
حدْسٌ ما في المنهج والرؤيا
خطأٌ ما،
ونذيرُ كفن
لكنَّ امرأةً تحدِسُ في آخرِ بيتِ في الصورةِ
يكفي أنكَ ما زايدتَ على أنثى بوطن
وأنتَ الآن تعزف ما نريدُ
(1)
هَرِمنا…/
ولم نصعدْ على درجِ القوافي
كيْ نُؤثثَ بيتاً، ونرى النهارَ بنا بصيرا
ولم نقرأ هواءَ الشعرِ في المعنى كثيرا
هرِمنا،
، زلةٌ للعينِ هذا الانتظارُ،
وشرفةٌ للخوفِ
لنْ يبقَى الأبيُّ كما يريدُ الهابطونَ
على سلالمنا أسيرا
هرِمنا،
من شِواءِ الصّقر، من تلقينِ موتانا
ومِنْ فجرٍ تأخّرَ في الضحى
أبدَ الحكايةِ،
واستقرَّ بنا كسيرا
(2)
هرمنا،
وكان الصمتُ مشدوداً إلى عصب السريرِ،
يحاولُ الإنسانُ فكّ الأرضِ عن قدمٍ تغادرُ فجرها
ورصيفها، وتعودُ ليلاً تختفي،
ومخافة الموتِ المفاجئ…، نحملُ
الأطفالَ للتلفازِ، أعرف أنني أوقفتُ
مصروفي على لغةِ القصيدةِ، فاستدارَ أبي
وقالَ ليْ: لا تبكِ،
فالألوانُ واحدةٌ، وعندكَ
من دمي جسدٌ يحاولُ أن يطيرا
أبي
خوفاً عليَّ أطاحَ بالمعنى المراوغِ،
واصطفى لي منْ خوفهِ رسلاً،
وهيّأني كثيرا
لأدخلَ في المدارسِ
خشية الإنفاق عن سعةٍ،
أعالج في الطريقِ صدى الحكايةِ،
ثمّ أخلعها نفورا.
أبي
وارتدَّ عن غاياتهِ،
فخسرتُ شيئاً يَنْبُعُ الإيقاعُ منهُ،
ولم أفجّرْ رحلتي في الطينِ،
لم أصبح كما وعدَ المُغني: يا أبي
ولداً جسورا
هَرِمنا،
وسيدة المرايا
كانت الأسماءُ زينتها
وغاليةً إذا نزحتْ غيوم الشرقِ،
كانت تهتدي ليد الصغيرِ،
تحاورُ الجيرانَ: ها ولدي سيحملُ عشقهُ،
وتدبُّ في النسيانِ تذكرةُ المنافي،
كي يعاجلها، ويمشي نحو غايتهِ سرورا.
وسيدة المرايا
لا ترابطُ في الضحى
لدعائها: كنْ يا بنيَّ على الخطوبِ
كلوحةٍ رزحتْ على الألوانِ،
واختطفتْ لموج إطارها
صقراً صبورا.
هرمنا،
سُنّةُ الأشياء أنْ أمشي إلى بيتي مساءً
بعد أن أتلو كتاب الفجرِ في الأسواقِ
أن أبقى على سعة الخيالِ لهمْ ظهيرا.
هَرِمنا…/،
إنّهُ الخوفُ الذي فرطَ الحكايةَ كلّها
وأتى يعششُ في الجدارِ
إذا خرجنا للتنزهِ في الكلامِ
وفي الحديثِ عن الغرابةِ
والكتابةِ، واختلفنا،
ثم لم نأتِ على ذِكْرِ الولاةِ،
وغرّنا سببٌ قصيرٌ للحياةِ
وراء هذا البابِ، أو طيشٌ أصابَ
رواية الطبّالِ، إذ فقأ النهارَ،
ولمْ يقمْ من نومهِ، واختارَ أنْ يبقى أجيرا.
هرِمنا
مثلَ نجّارٍ أطاحَ ببابهِ
وخلا إلى بابِ الظلامِ
يُرقّعُ الأسبابَ إذ صدئتْ، ولم
يلمسْ فضاءً للحقيقةِ منْ
لدن مِفتاحهِ،
وسجى ضريرا
هِرمنا،
أيّها المعنى كثيرا
فاختلفنا،
ثمَّ أفرغنا المرايا من نشاط الروحِ،
لم نخلد لميقاتِ الخروجِ، وكان لي ولدٌ،
فقلتُ أهيئ الأشجارَ للثمر الجديدِ
فصدّني خوفي، ولكنَّ الحقيقةَ أشعلتْ ميقاتها،
فغدتْ سعيرا.
(3)
سألقي بالهُتافِ على رصيفٍ
صارخٍ بالموتِ،
أجلو قامة الأشجارِ، والفوضى،
وإنْ منحوا عديدَ الخارجينَ على الندى
زمناً قصيرا
لأرشقَ حالة التذكارِ،
لا يتذكرُ الإنسانُ إلا ما وعى
ولهُ سعى…/،
وسعيتُ نحو الأرضِ ….
كانتْ أمّةُ الأشعارِ نائمةً،
ومرضى في الخطابِ،
وكان لي بيتٌ قفزتُ على يديهِ
إلى براري الناس،
حدّثني أبي عن قريةٍ شُطبتْ،
وعنْ صمتٍ من الجيرانِ،
لم أفقهْ كثيرا
فعدّلتُ اتجاهي،
كي أمارسَ خطوتي
وأعود أرفعها أخيرا.
(4)
بوعزيزي،
حصةٌ أولى لهذا الحلمِ،
خطَّ على شعابِ الأرضِ
بعض رمادهِ، فغدا منيرا
…/ وكانت جذوة المعنى لديهِ،
إذا توارى في ترابِ اللهِ،
يبعثُهُ أميرا
بوعزيزي،
أوّلُ الإيقاعِ في الوترِ الذي صدقتْ
نبوءتُهُ، فلمْ تظهر على الشاشاتِ
صورةُ قلبهِ، لكنها شقّتْ صخورا.
ومسّتْ كلَّ أسماءِ المنافي
إنّها أرضُ القوافي،
تلكَ لحظتُهُ
وقالَ الحُرُّ في الساحاتِ،
في ألق الوضوء،
لقد هرمنا نحنُ،
واحتجنا لكمْ منْ أجلِ هذا الدربِ
إذ أضحى عسيرا
بوعزيزي
عاد من غزواتهِ
ليدِ الشعوبِ،
وعاد يحملُ كُنهَ هذا الموتِ
_كنْ يا سيّدَ الغزواتِ للمعنى نصيرا
بوعزيزي عاد من رَحِمِ الولادةِ
في جوارِ النيلِ،
واليمن السعيدِ
وبنْغازي،
وحاورَ دمعة العشّاقِ في بردى،
وعاد لأهلهِ مسرورا.
(5)
هرمنا تحت سقفِ الغيم
واحتجنا إلى العشبِ الأخيرِ،
وكان مختلفاً كثيرا
…/ وتحتَ الدّلفِ
كان يصوّبُ الكلماتِ شاعرُنا،
ولم يفسحْ لثورتهِ
مكاناً خلفَ حجم الحرفِ،
لكنّ البنفسجَ كان يمتحن الصّقورَ
لهذا ” كانَ ” فعلٌ ناقصٌ،
خرجتْ عليه الكائناتُ،
فصارَ للمعنى،
إذا اشتدتْ حوادثهُ لغيرِ الأرضِ
يوماً قمطريرا
هرمنا
لا أريدُ من القصائدِ
في حدود الأغنياتِ إذا تبدّل ثوبُها
ألقاً، ولكنّي أريدُ من الكتابةِ
فِعْلَ تكوينٍ يُحادِ الغيمَ،
إذ ينجو من الفوضى أخيرا
(6)
ولي من صورةِ الأبوابِ ما يكفي،
لأدخلها فقيرا
حياةٌ لم تكنْ سلوى
لفضّ الروحِ عن خللٍ،
وعمّرها الشبابُ، وهمْ يمشونَ أسراباً،
وأعمارُ الترابِ تصيرُ تحت هتافهمْ
لغرابة الممشى بحورا.
ولي سهرٌ…/، وأولادٌ يصلونَ العشاءَ،
وأغنيات شعَّ فيها الحبُّ بعد غيابهِ
وقلائدُ انتشرتْ على عرض الطريقِ
وخامةٌ للصبرِ، أسماءٌ تُدافعُ عن رؤاها،
ثمّ تختبرُ النساءَ إذا فردْنَ حكايةَ الخبّازِ
هل ينشرنَ رائحة الرغيفِ، وينتشينَ بموجةِ المعنى،
إذا فطنتْ لموتِ عريسها الأنثى حبورا ؟!
(7)
تعبْنا، أو هَرِمنا
ولم نشهد لنا سقفاً يُجاري الغيمَ،
لم نقطع شواظاً من نحاس الجيلِ
لم نبرقِ لأنثانا لكي تتهيّأَ الحنّا
ولم نشربْ على شرفاتها دِنّاً،
فنمنا أو هَرِمنا، أيّها الزمنُ الجديدُ
وأنت الآن تعزفُ ما نريدُ


المقال السابق
المقال التالي

كُتب بواسطة:

0 Comments: